للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخَذَه دَفَعَ إليه، وإن قال: لا أسْتَحِقُّه. ففيه ثلاثةُ أَوْجُهٍ؛ أحدُها، يُقَرُّ في يَدِ الشَّفِيعِ إلى أن يَدَّعِيَهُ المُشْتَرِى، فيُدْفَعَ إليه، كما لو أَقَرَّ له بِدَارٍ فأنْكَرَها. والثانى: أن (١٠) يَأْخُذَه الحاكِمُ، فيَحْفَظَه لِصَاحِبِه إلى أن يَدَّعِيَهُ المُشْتَرِى، ومتى ادَّعاهُ دُفِعَ إليه. والثالث، يُقال له: إمَّا أن تَقْبِضَه، وإمَّا أن تُبْرِىءَ منه، كسَيِّدِ المُكَاتَبِ إذا جاءَهُ المُكَاتَبُ بمالِ المُكَاتَبةِ (١١)، فادَّعَى أنَّه حَرَامٌ. اخْتَارَ هذا القاضِى. وهذا (١٢) مُفَارِقٌ للمُكَاتَبِ؛ لأنَّ سَيِّدَه يُطَالِبُه بالوَفاءِ من غيرِ هذا الذي أتَاهُ به، فلا يَلْزَمُه ذلك بمُجَرَّدِ دَعْوَى سَيِّدِه تَحْرِيمَ ما أَتاه به، وهذا لا يُطالِبُ (١٣) الشَّفِيعَ بشيءٍ، فلا يَنْبَغِى أن يُكَلَّفَ الإِبْراءَ (١٤) ممَّا لا يَدَّعِيه. والوَجْهُ الأَوَّلُ أَوْلَى، إن شاءَ اللَّه تعالى.

فصل: وإن قال: اشْتَرَيْتُه لِفُلانٍ. وكان حاضِرًا، اسْتَدْعاهُ الحاكِمُ، وسَأَلَه، فإن صَدَّقَه، كان الشِّرَاءُ له، والشُّفْعةُ عليه، وإن قال: هذا مِلْكِى، ولم أشْتَرِه. انْتَقَلَتِ الخُصُومَةُ إليه، وإن كَذَّبَهُ، حَكَمَ بالشِّرَاءِ لمَن اشْتَراهُ، وأَخَذَ منه بالشُّفعةِ. وإن كان المُقرُّ له غائِبًا، أخَذَه الحاكِمُ، ودَفَعَهُ إلى الشَّفِيعِ، وكان الغائِبُ على حُجَّتِه إذا قَدِمَ؛ لأنَّنا لو وَقَفْنَا الأَمْرَ في الشُّفْعةِ إلى حُضُورِ المُقَرِّ له، لكان في ذلك إسْقَاطُ الشُّفْعةِ، لأنَّ كلَّ مُشْتَرٍ يَدَّعِى أنَّه لغائِبٍ. وإن قال: اشْتَرَيْتُه لِابْنِى الطِّفْل. أو لهذا الطِّفْلِ. وله عليه وِلَايةٌ، ففيه وَجْهانِ؛ أحدُهما، لا تَثْبُتُ الشُّفْعةُ؛ لأنَّ المِلْكَ ثَبَتَ لِلطِّفْلِ، ولا تَجِبُ الشُّفعةُ بإِقْرَارِ الوَلِىِّ عليه؛ لأنَّه إيجابُ حَقٍّ (١٥) في مالِ صَغِيرٍ، بِإِقْرَارِ وَلِيِّه. الثاني، تَثْبُتُ؛ لأنَّه يَمْلِكُ الشِّراءَ له، فصَحَّ إقْرارُه فيه، كما يَصِحُّ إقْرارُه بِعَيْبٍ في مَبِيعِه. فأمَّا إن ادَّعَى عليه شُفْعةً في شِقْصٍ، فقال: هذا لِفُلانٍ الغائِبِ. أو لِفُلانٍ الطِّفْل. ثم أقَرَّ


(١٠) سقط من: ب.
(١١) في الأصل، ب: "الكتابة".
(١٢) في ب: "وهو".
(١٣) في م: "يطلب".
(١٤) في م: "إبراء".
(١٥) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>