للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقَلْبُ صِنْفٌ، والمُخُّ صِنْفٌ. ويَجوزُ بَيْعُ كُلِّ (٥) صِنْفٍ بِصِنْفٍ آخَرَ مُتَفاضِلًا. وقال القاضى: لا يجوزُ بَيْعُ اللَّحْمِ بالشَّحْمِ. وكَرِهَ مالِكٌ ذلك، إلَّا أن يَتَماثلا. وظاهِرُ المذهبِ، إباحَةُ البَيْعِ فيهما مُتَماثِلًا ومُتَفاضِلًا، وهو قولُ أبى حنيفةَ، والشَّافِعِىِّ؛ لأنَّهما جِنْسانِ، فجازَ التَّفاضُلُ فيهما كالذَّهَبِ بالفِضَّةِ (٦). وإن مَنَعَ منه لِكَوْنِ اللَّحْمِ لا يَخْلُو من شَحْمٍ لم يَصِحَّ؛ لأنَّ الشَّحْمَ لا يَظْهَرُ، وإن كان فيه شَىءٌ فهو غيرُ مَقْصُودٍ، فلا يَمْنَعُ البَيْعَ، ولو مَنَعَ لذلك، لم يَجُزْ بَيْعُ لَحْمٍ بِلَحْمٍ؛ لِاشْتِمالِ كلِّ واحِدٍ منهما على ما ليس من جِنْسِه. ثم لا يَصِحُّ هذا عند القاضِى؛ لأنَّ السَّمِينَ الذى يكونُ مع اللَّحْمِ لَحْمٌ عنده، فلا يَتَصَوَّرُ اشْتِمالَ اللَّحْمِ على الشَّحْمِ. وذَكَرَ القاضى أنَّ اللَّحْمَ الأَبْيَضَ الذى على ظَاهِرِ اللَّحْمِ الأَحْمَرِ، [هو والأَحْمَرُ] (٧) جِنْسٌ واحِدٌ، وأنَّ الأَلْيَةَ والشَّحْمَ جِنْسَانِ. وظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ خِلافُ هذا؛ لِقَوْلِهِ: إنَّ اللَّحْمَ لا يَخْلُو من شَحْمٍ، ولو لم يكن هذا شَحْمًا لم يَخْتَلِطْ لَحْمٌ بِشَحْمٍ، فعَلَى هذا (٨)، كلُّ أَبْيَضَ فى الحَيَوانِ يَذُوبُ بالإِذابَةِ ويَصِيرُ دُهْنًا، فهو جِنْسٌ واحِدٌ. وهذا أصَحُّ؛ لِقَوْلِه تعالى: {حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا} (٩). فاسْتَثنى ما حَمَلَتِ الظُّهُورُ من الشَّحْمِ، ولأنَّه يُشْبِهُ الشَّحْمَ فى ذَوْبِه ولَوْنِه ومَقْصِدِه، فكان شَحْمًا، كالذى فى البَطْنِ.

فصل: وفى اللَّبَنِ رِوايَتانِ؛ إحْداهُما، هو جِنْسٌ واحِدٌ؛ لِمَا ذَكَرْنا فى اللَّحْمِ. والثانيةُ، هو أجْناسٌ باخْتِلافِ أُصُولِه كاللَّحْمِ. وهذا مذهبُ الشَّافِعِىِّ. وبه قال مالِكٌ؛ لأنَّ الأَنْعامَ كُلَّها جِنْسٌ واحِدٌ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: لَبَنُ البَقَرِ الأهْلِيَّةِ والوَحْشِيَّةِ


(٥) سقط من: الأصل.
(٦) فى م: "والفضة".
(٧) سقط من: الأصل.
(٨) فى م: "قوله".
(٩) سورة الأنعام ١٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>