للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١١٥ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا كَانَ وَلِيُّهَا غَائِبًا فِى مَوْضِعٍ لَا يَصِلُ إِلَيْهِ الْكِتابُ، أوْ يَصِلُ فَلَا يُجِيبُ عَنْهُ، زَوّجَها مَنْ هُوَ أبْعَدُ مِنْهُ مِنْ عَصَبَاتِهَا (١)، فَإنْ لَمْ يَكُنْ، فَالسُّلْطَانُ)

الكلامُ فى هذه المسألةِ فى فَصْلَيْنِ:

أوَّلهما: أن الأقْرَبَ إذا غاب غَيْبةً مُنْقَطِعةً، فلِلْأَبْعَدِ من عَصَبَتِها تَزْويجُها دُونَ الحاكمِ. وبهذا قال أبو حنيفةَ. وقال الشافعىُّ: يُزَوِّجُها الحاكمُ؛ لأنَّه تَعَذّرَ الوصولُ إلى النِّكاحِ من الأقْرَبِ، مع بَقَاءِ وِلايَتِه، فيقومُ الحاكمُ مقامَه، كما لو عَضَلَها، ولأنَّ الأبْعَدَ مَحْجُوبٌ بولايةِ الأقْرَبِ، فلا يجوزُ له التَّزْويجُ، كما لو كان حاضرًا، ودليلُ بَقاءِ وِلايتِه أنَّه لو زَوَّجَ من حيثُ هو، أو وَكّلَ، صَحَّ. ولَنا، قولُه عليه السلامُ: "السُّلْطانُ وَلِىُّ مَنْ لَا وَلِىَّ له" (٢). وهذه لها وَلِىٌّ، فلا يكونُ السلطانُ [وَلِيًّا لها] (٣)، ولأنَّ الأقْرَبَ تَعَذرَ حُصُولُ التَّزْويج منه، فتَثْبُتُ الولايةُ لمَنْ يَلِيه من العَصَباتِ، كما لو جُنَّ أو مات، ولأنَّها حالةٌ يجوزُ فيها التَّزْويجُ لغيرِ الأقْرَبِ، فكان ذلك للأبْعَدِ، كالأصْلِ، وإذا عَضَلَها الأقربُ، فهو كمَسْألِتنا.

والفصل الثانى: فى الغَيْبةِ المُنْقَطعةِ، التى يجوزُ للأبعَدِ التَّزويجُ فى مِثْلِها. ففى قول الْخِرَقىِّ: هى مَنْ (٤) لا يَصِلُ إليه الكتابُ، أو يَصِلُ فلا يُجِيبُ عنه؛ لأنَّ (٥) مثلَ هذا


(١) فى أ، ب، م: "عصبتها".
(٢) تقدم تخريجه فى: ٥/ ٨٨، وصفحة ٣٤٥.
(٣) فى م: "وليها".
(٤) فى الأصل، أ: "ما".
(٥) فى الأصل زيادة: "فى".

<<  <  ج: ص:  >  >>