للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تتَعذَّرُ مُراجَعَتُه بالكُلِّيةِ، فتكونُ مُنْقَطِعةً، أى يَنْقطِعُ عن (٦) إمْكانِ تَزْويجِها. وقال القاضى: يجبُ أن يكونَ حَدُّ المسافةِ أن لا تَرَدَّدَ القوافلُ فيه فى السَّنةِ إلَّا مَرّةً؛ لأنَّ الكُفْءَ يَنْتَظِرُ سنةً، ولا ينتظرُ أكثرَ منها، فيلحقُ الضَّررُ بتَرْكِ تَزْويجِها. وقد قال أحمدُ، فى موضعٍ: إذا كان الأبُ بَعِيدَ السَّفَرِ، يزوِّجُ الأخُ. قال أبو الخَطَّاب: فيَحْتَمِلُ أنَّه أراد بالسَّفَرِ البعيدِ ما تُقْصَرُ فيه الصَّلاةُ؛ لأنَّ ذلك هو السَّفَرُ (٧) الذى عُلِّقَتْ عليه الأحْكامُ. وذَهَبَ أبو بكرٍ إلى أَنَّ حَدَّها ما لا يُقْطَعُ (٨) إلَّا بكُلْفَةٍ ومَشَقَّةً؛ لأنَّ (٩) أحمدَ قال: إذا لم يكنْ وَلِىٌّ حاضِرٌ من عَصَبتِها، كَتَبَ إليهم حتى يأْذَنُوا، إلَّا أن تكونَ غَيْبةً منقطعةً، لا تُدْرَكُ إلَّا بكُلْفةٍ ومَشَقَّةٍ، فالسلطانُ وَلِىُّ مَنْ لا وَلِىَّ له. وهذا القولُ، إن شاءَ اللَّهُ تعالى، أقْرَبُها إلى الصَّوابِ، فإنَّ التَّحْدِيداتِ بابُها التَّوْقيفُ، ولا تَوْقِيفَ فى هذه المسألةِ، فتُرَدُّ إلى ما يَتَعارَفُه (١٠) الناسُ بينهم، ممَّا لم تَجْرِ العادةُ بالانْتِظارِ فيه، ويَلْحَقُ المرأةَ الضَّرَرُ بمَنْعِها من التَّزْوِيج فى مِثْلِه، فإنَّه يَتَعذّرَ (١١) فى ذلك الوُصولُ إلى المصْلحةِ من نَظَرِ الأقْرَبِ، فيكونَ كالمَعْدُومِ، والتَّحْديدُ بالعامِ كبيرٌ؛ فإنَّ الضررَ يَلْحَقُ بالانْتظارِ فى مثلِ ذلك (١٢)، ويَذْهَبُ الخاطِبُ، ومَنْ لا يَصِلُ الكتابُ منه أبْعَدُ، ومَنْ هو على مَسافةِ القَصْرِ لا تَلْحَقُ المَشَقَّةُ فى مُكاتَبتِه. والتّوَسُّطُ أَوْلَى. واللَّهُ أعلمُ. واخْتلَف أصْحابُ أبى حنيفةَ فى الغَيْبةِ المُنْقطِعةِ، فقال بعضُهم كقولِ القاضى، وبعضُهم قال: من الرَّىِّ إلى بَغْدادَ. وبعضُهم قال: من البَصْرةِ إلى الرَّقّةِ. وهذان القولان يُشْبِهان قولَ أبى بكرٍ. واخْتلَف أصحابُ الشافعىِّ فى الغَيْبةِ (١٣) التى يُزَوِّجُ فيها


(٦) فى م: "من".
(٧) فى أ، ب زيادة: "البعيد".
(٨) فى أ: "ينقطع". وفى م: "يقع".
(٩) فى الأصل: "ولأن".
(١٠) فى الأصل: "تعارفه".
(١١) فى الأصل: "تعذر".
(١٢) سقط من الأصل.
(١٣) فى الأصل زيادة: "المنقطعة".

<<  <  ج: ص:  >  >>