للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفِضَّةِ قَفِيزَ حِنْطَةٍ. فيجوزُ، وكذلك الحُكْمُ فى سائِرِ أمْوالِ الرِّبا فيما بِيعَ بِجِنْسِه، أو بغير جِنْسِه، مما يُشْتَرَطُ فيه القَبْضُ، فإذا كان الأَرْشُ مِمَّا لا يُشْتَرَطُ قَبْضُه (٥)، كمن باعَ قَفِيزَ حِنْطَةٍ بِقَفِيزَىْ شَعِيرٍ، فوَجَدَ أحَدُهُما عَيْبًا فأخَذَ أَرْشَه درهمًا، جازَ، وإن كان بعد التَّفَرُّقِ؛ لأنَّه لم يَحْصُلِ التَّفَرُّقُ قبلَ قَبْضِ ما شُرِطَ (٦) فيه القَبْضُ.

فصل: قولُ الْخِرَقِىِّ: "إذا كانَ بِصَرْفِ يَوْمِهِ". يَعْنِى الرَّدُّ جائِزٌ، ما لم يَنْقُصْ قِيمَةَ ما أخَذَهُ من النَّقْدِ عن قِيمَتِه يَوْمَ اصْطَرَفا، فإن نَقَصَتْ قِيمَتُه، كأن أخَذَ عَشرَةً بدينارٍ، فصارَتْ أحدَ عشرَ بدِينارٍ، فظاهِرُ كَلامِ أحمدَ والخِرَقِىِّ، أنَّه لا يَمْلِكُ الرَّدَّ؛ لأنَّ المَبِيعَ تَعَيَّبَ فى يَدِهِ؛ لِنَقْص قِيمَتِه، وإنَ كانَتْ قِيمَتُه قد زادَتْ، مثل أنْ صارَتْ تِسْعَةً بدينارٍ، لم يَمْنَعِ الرَّدَّ؛ لأنَّه زِيَادَةٌ، وليس بِعَيْبٍ. والصَّحِيحُ أنَّ هذا لا يَمْنَعُ الرَّدَّ؛ لأنَّ تَغَيُّرَ السِّعْرِ ليس بِعَيْبٍ، ولهذا لا يُضْمَنُ فى الغَصْبِ، ولا يَمْنَعُ من الرَّدِّ (٧) بالعَيْبِ فى القَرْضِ. ولو كان عَيْبًا، فإنَّ ظاهِرَ المَذْهَبِ أنَّه إذا تَعَيَّبَ المَبِيعُ عندَ المُشْتَرِى، ثم ظَهَرَ على عَيْبٍ قَدِيمٍ، فله رَدُّهُ، ورَدُّ أَرْشِ العَيْبِ الحادِثِ عندَه، وأخْذُ الثَّمَنِ.

فصل: وإن تَلِفَ العِوَضُ فى الصَّرْفِ بعد القَبْضِ، ثم عَلِمَ عَيْبَه، فَسَخَ العَقْدَ، ورَدَّ المَوْجُودَ، وتَبْقَى قِيمَةُ العَيْبِ فى ذِمَّةِ من تَلِفَ فى يَدِه، فَيرُدُّ مِثْلَها، أو عِوَضَها إنِ اتَّفَقا على ذلك، سواءٌ كان الصَّرْفُ بِجِنْسِه أو بغيرِ جِنْسِه. ذَكَرَهُ ابن عَقِيلٍ، وهو قولُ الشَّافِعِىِّ. قال ابن عَقِيلٍ: وقد رُوِىَ عن أحمدَ جَوازُ أخْذِ الأرْشِ، والأولُ أولَى، إلَّا أن يَكُونا فى المَجْلِسِ، والعِوَضانِ من جِنْسَيْنِ.

فصل: إذا عَلِمَ (٨) المُصْطَرِفانِ قَدْرَ العِوَضَيْنِ، جاز أن يَتَبايعا بغيرِ وَزْنٍ. وكذلك لو أخْبَرَ أحَدُهما الآخَرَ بِوَزْنِ ما معه، فصَدَّقَهُ، فإذا باعَ دينارًا بدينارٍ كذلك، وافْتَرَقا، فوَجَدَ أحَدُهُما ما قَبَضَهُ ناقِصًا، بَطلَ الصَّرْفُ؛ لأنَّهما تَبايَعا


(٥) فى الأصل: "فيه".
(٦) فى الأصل: "يشترط".
(٧) فى الأصل بعد هذا: "ولا من الرد".
(٨) فى الأصل: "عرف".

<<  <  ج: ص:  >  >>