للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: أنَّه إذا وَقَفَ على قَوْمٍ وأَوْلَادِهم وعَقِبِهم ونَسْلِهِم، كان الوَقْفُ بين القَوْمِ وأوْلَادِهِم، ومَنْ حَدَثَ من نَسْلهم، على سَبِيلِ الاشْتِرَاكِ، إن لم تَقْتَرِنْ به قَرِينَةٌ تَقْتَضِى تَرْتِيبًا؛ لأنَّ الواوَ تَقْتَضِى الاشْتِرَاكَ، فإذا اجْتَمَعُوا اشْتَرَكُوا، ولم يُقَدَّمْ بعضُهم على بعضٍ، ويُشَارِكُ الآخِرُ الأَوَّلَ، وإن كان من البَطْنِ العاشِرِ، وإذا حَدَثَ حَمْلٌ لم يُشَارِكْ حتى يَنْفَصِلَ؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ أن لا يكونَ حَمْلًا، فلا يَثْبُتُ له حُكْمُ الوَلَدِ قبلَ انْفِصَالِه.

فصل: فإن قال: وَقَفْتُ على أَوْلَادِى، ثم على المَسَاكِينِ. أو قال: عَلَى وَلَدِى، ثم على المَسَاكِينِ. أو على وَلَدِ فُلَانٍ، ثم على المَسَاكِينِ. فقد رُوِى عن أحمدَ ما يَدُلُّ على أنَّه يكونُ وَقْفًا على أوْلادِه، وأوْلَادِ أوْلَادِه، من الأَوْلَادِ البَنِين، ما لم تكُنْ قَرِينَةٌ تَصْرِفُ عن ذلك. قال الْمَرُّوذِىُّ: قلتُ لأبِى عبدِ اللَّه: ما تقولُ في رَجُلٍ وَقَفَ ضَيْعَةً على وَلَدِه، فماتَ الأَوْلادُ، وتَرَكُوا النُّسْوَةَ حَوَامِلَ؟ فقال: كلُّ ما كان من أَوْلَادِ الذُّكُورِ، بَنَاتٍ كُنَّ أو بَنِينَ، فالضَّيْعَةُ مَوْقُوفةٌ عليهم، وما كان من أوْلَادِ البَنَاتِ، فليس لهم فيه (١) شيءٌ؛ لأنَّهم من رَجُلٍ آخَرَ. وقال أيضًا في مَن وَقَفَ على وَلَدِ عليِّ بن إسماعِيلَ، ولم يَقُلْ: إن ماتَ وَلَدُ (٢) عليِّ بن إسماعيلَ دُفِعَ إلى وَلَدِ وَلَدِه، فماتَ وَلَدُ علىِّ بن إسماعيلَ: دُفِعَ إلى وَلدِه أيضًا؛ لأنَّ هذا من وَلَدِ علىِّ بن إسماعيلَ. وَوَجْهُ ذلك أنَّ اللهَ تعالى قال: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} (٣). فدَخَلَ فيه وَلَدُ البَنِين وإن سَفَلُوا. ولمَّا قال: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} (٣). فتَنَاوَلَ وَلَدَ البَنِين، وكذلك كلُّ مَوْضِعٍ ذَكَرَ اللَّه تعالى الوَلَدَ دَخَلَ فيه وَلَدُ البَنِين، فالمُطْلَقُ من كَلَامِ الآدَمِىِّ إذا خَلَا عن قَرِينَةٍ، يَنْبَغِى أن يُحْمَلَ على المُطْلَقِ من كلامِ اللَّه تعالى، ويُفَسَّرُ بما يُفَسَّرُ به. ولأنَّ وَلَدَ وَلَدِه وَلَدٌ


(١) في الأصل: "منه".
(٢) سقط من: الأصل.
(٣) سورة النساء ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>