للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بخُمْسِ مَغْزاها الذى ليس لهم مَغْزًى سِوَاهُ، فما يُؤْخَذُ من مَغْزَى الرُّومِ لأهلِ الشامِ والعراق، وما يُؤْخَذُ من مَغْزَى التُّرْكِ لمن فى خُرَاسانَ من ذوِى القُرْبَى؛ لما يَلْحَقُ من المَشَقَّةِ فى نَقْلِه من المَشْرِقِ إلى المَغْرِبِ، ولأنَّه يَتَعَذَّرُ تَعْمِيمُهم به (١٤)، فلم يَجِبْ، كسائرِ أهلِ السُّهْمانِ (١٥). ووَجْهُ الأوَّلِ أَنَّه سَهْم مُسْتَحَقٌّ بقَرابةِ الأبِ، فوَجَبَ دفعُه إلى جميعِ المُسْتحقِّينَ، كالمِيراثِ. فعلى هذا يَبْعَثُ الإِمامُ إلى عُمَّالِه فى الأقاليمِ، ويَنْظُرُ كم حصَل من ذلك؟ فإن اسْتَوَتْ فيه، فَرَّقَ كلَّ خُمْسٍ فى مَن قارَبَه، وإن اختلفتْ، أمَرَ بحَمْلِ الفَضْلِ لِيُدْفَعَ إلى [مَن يَسْتَحِقُّه] (١٦)، كالمِيراثِ. وفارقَ الصَّدَقةَ، حيث لا تُنْقَلُ؛ لأنَّ كلَّ بلدٍ لا يكادُ (١٧) يَخْلُو من صَدَقةٍ تُفَرّقُ على فُقَراءِ أهْلِه، والخمسُ يُؤْخَذُ فى بعضِ الأقالِيمِ، فلو لم يُنْقَلْ لأدَّى إلى إعْطاءِ البعض وحِرْمانِ البعض. والصحيحُ، إنْ شاء اللَّهُ، أنَّه لا يجبُ التَّعْمِيمُ؛ لأنَّه يَتَعذّرُ، فلم يجبْ، كتَعْمِيمِ المساكينِ. وما ذُكِرَ من بَعْثِ الإِمامِ عُمّالَه وسُعاتَه، فهو متعذِّرٌ فى زَمانِنَا؛ لأنَّ الإِمامَ لم يَبْقَ له حكمٌ إلَّا فى قليلٍ من بلادِ الإِسْلامِ، ولم يَبْقَ له جهَة فى الغَزْوِ، ولا له فيه أَمْرٌ، ولأنَّ هذا سهمٌ من سِهامِ الخمسِ، فلم يجبْ تعمِيمُه، كسائرِ سُهْمانِه (١٨). فعلى هذا يُفَرِّقُه كلُّ سُلْطانٍ فيما أمْكنَ من بِلادِه.

الفصل الخامس: أَنَّ غَنِيَّهم وفَقِيرَهم فيه سَواءٌ. وهذا قولُ الشافعىِّ، وأبى ثَوْرٍ. وقيل: لا حَقَّ فيه لِغَنِىٍّ. قياسًا له على بَقِيَّةِ السِّهامِ. ولَنا، عمومُ قولِه تعالى: {وَلِذِى القُرْبَى} (١٩). وهذا عامٌّ لا يجوزُ تَخْصِيصُه بغيرِ دليلٍ، ولأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يُعْطِى


(١٤) سقط من: ب.
(١٥) فى ب، م: "السهم".
(١٦) فى م: "مستحقه".
(١٧) سقط من: أ.
(١٨) فى م: "سهامه".
(١٩) سورة الأنفال ٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>