للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجْهَيْنِ؛ بناءً على مَنْ حَلَفَ لا يَدْخُلُ دارًا هو فيها، فاسْتَدامُ المُقامَ بها، فهل يَحْنَث؟ على وَجْهَيْن.

١٨٣٧ - مسألة؛ قال: (وَلَوْ حَلَفَ أَنْ يَضْربَ عَبْدهُ فِى غَدٍ، فَمَاتَ الْحَالِفُ مِنْ يَوْمِهِ، فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ، وَإِنْ مَاتَ العَبْدُ، حَنِثَ)

أمَّا إذا ماتَ الحالِفُ من يَوْمِه، فلا حِنْثَ عليه؛ لأنَّ الحِنْثَ إنَّما يحْصُلُ بفَواتِ المَحْلُوفِ عليه فى وَقْتِه، وهو الغَدُ، والحالِفُ قد خَرَجَ عن أَنْ يَكونَ من أهْلِ التَّكْليفِ قبلَ الْغَدِ، فلا يُمْكِنُ حِنْثُه (١). وكذلك إِنْ جُنَّ الحالِفُ فى يَوْمِه، فلم يُفِقْ إِلَّا بعدَ خُروجِ الْغَدِ؛ لأَنَّه خرج عن كَوْنِه من أهْلِ التَّكْلِيفِ. وإِنْ هَرَبَ العبدُ، أو مَرِضَ العبدُ أو الحالِفُ، أو نحو ذلك، فلم يَقْدِرْ على ضَرْبِه فى الْغَدِ، حَنِثَ. وإِنْ لم يَمُتِ الحالِفُ، ففيه مسائِلُ؛ أحدُها، أَنْ يَضْرِبَ العَبْدَ فى غَدٍ، أىِّ وَقْتٍ كان منه، فإنَّه يَبَرُّ فى يَمِينِه، بلا خِلافٍ. الثانِيَةُ، أَمْكَنَه ضَرْبُه فى غَدٍ، فلم يَضْرِبْه حتى مَضَى الْغَدُ، وهما فى الحياةِ، حَنِثَ أيْضًا، بلا خِلافٍ. الثالِثَةُ، ماتَ العبدُ من يَوْمِه، فإنَّه يَحْنَثُ. وهذا أحَدُ قَوْلَىِ الشافِعِىِّ. ويَتَخَرَّجُ أَنْ لا يَحْنَثَ. وهو قولُ أبى حنيفةَ، ومالِكٍ، والقولُ الثانِى للشافِعِىِّ؛ لأَنَّه فَقَدَ ضَرْبَه بغيرِ اخْتِيارِه، فلم يَحْنَثْ، كالمُكْرهِ والنَّاسِى. ولَنا، أنَّه لم يَفْعَلْ ما حَلَفَ عليه فى وَقْتِه، من غيرِ إكْراهٍ ولا نِسْيانٍ، وهو من أَهْلِ الحِنْثِ، فحَنِثَ، [كما لو أَتْلَفَه باخْتِيارِه] (٢)، وكما لو حَلَفَ ليَحُجَّنَّ العامَ، فلم يَقْدِرْ على الحجِّ؛ لمَرَضٍ، أو عَدَمِ النَّفَقَةِ (٣)، وفارقَ الإِكْراهَ والنِّسْيانَ، فإِنَّ الامْتِناعَ لمَعْنًى فى الحالِفِ، وههُنا الامْتناعُ لمَعْنًى فى الْمَحَلِّ، فأشْبَهَ ما لو تَرَكَ ضَرْبَه لصُعوبُتِه، أو تَرَكَ الحالِفُ الحجَّ لصُعوَبةِ الطرَّيقِ وبُعْدِها عليه. فأما إِنْ كان تَلَفُ المَحْلوفِ عليه بفِعْلِه أو اخْتِيارِه (٤)، حَنِثَ، وجْهًا واحِدًا؛ لأَنَّه فوَّتَ الفِعْلَ على نَفْسِه. قال القاضِى: ويَحْنَثُ الحالِفُ ساعةَ


(١) فى م: "حثه".
(٢) سقط من: ب.
(٣) فى ب: "نفقة".
(٤) فى م: "واختياره".

<<  <  ج: ص:  >  >>