للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَوْتِه؛ لأَنَّ يَمِينَه انْعَقَدَت من حِينِ حَلِفِه، وقد تَعَذَّرَ عليه الفِعْلُ، فحَنِثَ (٥)، فى الحالِ، كما لو لم يُؤَقِّتْ، ويتَخرَّجُ أَنْ لا يَحْنَثَ قبلَ الغَدِ؛ لأَنَّ الحِنْثَ مُخالَفَةُ ما عقدَ يَمِينَه عليه، فلا تحْصُلُ المُخالَفَةُ إِلَّا بِتَرْكِ الفِعْلِ فى وَقْتِه. الرابِعَةُ، مات العبدُ فى غَدٍ قبلَ التَّمَكُّنِ من ضَرْبِه، فهو كما لو ماتَ فى يَوْمِه. الخامِسَةُ، مات العبدُ فى غَدٍ، بعدَ التَّمَكُّنِ من ضَرْبِه، قبلَ ضَرْبِه، فإنَّه يَحْنَثُ، وَجْهًا واحِدًا. وقال بعضُ أصحابِ الشافِعِىِّ: يَحْنَثُ قولًا واحِدًا. وقال بعضُهم: فيه قَوْلان. ولَنا، أنَّه [تَمَكنَّ مِن] (٦) ضَرْبِه فى وَقْتِه، فلم يَضْرِبْه، فحَنِثَ، كما لو مَضَى الغَدُ قبلَ ضَرْبِه. السادِسَةُ، ماتَ الحالِفُ فى غدٍ، بعَد التَّمكُّنِ من ضَرْبِه، فلم يَضْرِبْه، حَنِثَ، وجْهًا واحِدًا؛ لما ذَكَرْنا. السابِعَةُ، ضَرَبَه فى يَوْمِه، فإنَّه لا يَبَرُّ. وهذا قولُ أصحابِ الشافِعِىِّ. وقال القاضى، وأصْحابُ أبى حنيفةَ: يَبَرُّ؛ لأنَّ يَمِينَه للحَثِّ على ضَرْبِه، فإذا ضَرَبَه اليومَ، فقد فعل المحلوفَ عليه وزِيادَةً، فأشْبَهَ ما لو حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّه حَقَّه فى غَدٍ، فقَضاه اليومَ. ولَنا، أنَّه لم يَفْعَلِ المحلوفَ عليه فى وَقْتِه، فلم يَبَرَّ، كما لو حَلَفَ لَيَصُومَنَّ يومَ الجُمُعَةِ، فصامَ يومَ الخميسِ، وفارَقَ قضاءَ الدَّيْنِ، فإِنَّ المقصودَ تَعْجِيلُه لا غيرُ، وفى قضاءِ اليومِ زيادَةٌ فى التَّعْجيلِ، فلا يَحْنَثُ فيها؛ لأنَّه عُلِمَ من قَصْدِه إرادَةُ أَنْ لا يَتَجاوَزَ غدًا بالقَضاءِ، فصار كالملْفُوظِ به، إذْ كان مَبْنَى الأيْمانِ على النِّيَّةِ، ولا يصِحُّ قياسُ ما ليس بمِثْلِه عليه، وسائرُ المحلوفاتِ لا تُعْلَمُ منها إرادَة التَّعْجِيلِ عن الوَقْتِ الذى وَقَّتَه لها، فامْتَنَع الإلْحاقُ، وَتعَيَّنَ التَّمَسُّكُ باللَّفْظِ. الثامِنَةُ، ضَرَبَه بعدَ مَوْتِه، لم يبَرَّ؛ لأنَّ اليَمِينَ تَنْصَرِفُ إلى ضَرْبِه حَيًّا، يَتَأَلَّمُ بالضَّرْبِ، وقد زال هذا بالموتِ. التاسعةُ، ضَرَبَه ضَرْبًا لا يُؤْلِمُه، لم يَبَرَّ؛ لما ذَكَرْناه. العاشِرَةُ، خَنَقَه، أو نَتَفَ شَعْرَه، أو عَصَرَ ساقَه، بحيثُ يُؤْلِمُه، فإنَّه يَبَرُّ؛ [لأَنَّه يُسَمَّى ضَرْبًا؛ لما تَقَدَّمَ ذِكْرُنا له. الحادِيَة عَشَرَةَ، جُنَّ العبدُ، فضَرَبَه، فإنَّه يَبَرُّ] (٧)؛ لأنَّه حَىٌّ يتألَّمُ بالضَّرْبِ، وإِنْ لم يَضْرِبْه، حَنِثَ. وإِنْ حَلَفَ لا يَضْرِبُه فى غَدٍ، ففيه نحوٌ من هذه المَسائِلِ. ومتى فات ضَرْبُه بِمَوْتِه أو غيرِه، لم يَحْنَثْ؛ لأَنَّه لم يَضْرِبْه.


(٥) سقط من: م.
(٦) فى م: "يمكنه".
(٧) سقط من: ب. نقل نظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>