للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُؤَبَّرْ منه شىءٌ، فوَجَبَ أن يكونَ لِلْمُشْتَرِى، بِمَفْهومِ الخَبَرِ، وكما لو كان مُنْفَرِدًا في بُسْتانٍ وَحْدَهُ. ولأنَّه لا يُفْضِى إلى سُوءِ المُشارَكَةِ، ولا اخْتِلافِ الأَيْدِى، ولا إلى ضَرَرٍ، فبَقِىَ على حُكْمِ الأَصْلِ. فإن بِيعَتِ النَّخْلَةُ وقد أُبِّرَتْ كلُّها، أو بَعْضُها، فأطْلَعَتْ بعدَ ذلك، فَالطَّلْعُ لِلْمُشْتَرِى؛ لأنَّه حَدَثَ في مِلْكِه، فكان له، كما لو حَدَثَ بعد جِزازِ الثَّمَرَةِ. ولأنَّ ما أطْلَعَ بعد تَأْبيرِ غيرِهِ لا يكادُ يَشْتَبِهُ به؛ لِتَباعُدِ ما بينهما.

فصل: وطَلْعُ الفُحَّالِ (١٧) كَطَلْعِ الإِناثِ. وهو ظاهِرُ كَلامِ الشَّافِعِيِّ. ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ طَلْعُ الفُحَّالِ للبائِعِ قبلَ ظُهورِه؛ لأنَّه يُؤْخَذُ للْأَكْلِ قبلَ ظُهورِه، فهو كثَمَرَةٍ لا تُخْلَقُ إلَّا ظاهِرَةً، كالتِّينِ، ويكونُ ظُهورُ طَلْعِهِ كَظُهورِ ثَمَرةِ (١٨) غيرِهِ. ولنا، أنَّها ثَمَرَةُ نَخْلٍ إذا تُرِكَتْ ظَهَرَتْ، فهى كالإِناثِ، أو يَدْخُلُ في عُمومِ الخَبَرِ. وما ذُكِرَ لِلْوَجْهِ الآخَرِ لا يَصِحُّ (١٩)؛ فإنَّ أكْلَهُ ليس هو المَقْصودَ منه، وإنَّما يُرادُ لِلتَّلْقيحِ به، وهو يكونُ بعدَ ظُهورِه، فأشْبَهَ طَلْعَ الإِناثِ. فإن باعَ نَخْلًا فيه فُحَّالٌ وإناثٌ لم يتشَقَّقْ (٢٠) منه شيءٌ، فالكُلُّ (٢١) لِلْمُشْتَرِى، إلَّا على الوَجْهِ الآخَرِ، فإنَّ طَلْعَ الفُحَّالِ يكونُ للبائِعِ. وإن كانَ قد تَشَقَّقَ طَلْعُ أحدِ النَّوْعَيْنِ دون الآخَرِ، فما تَشقَّقَ فهو للبائِعِ، وما لم يَتَشَقَّقْ لِلمُشْترِى، إلَّا عندَ مَن سَوَّى بين الأَنْواعِ كلِّها. وإن تَشَقَّقَ طَلْعُ بعضِ الإِناثِ أو بعضِ الفُحَّالِ، فالذى قد ظَهَرَ لِلبائِعِ، وما لم يَظْهَرْ على ما ذَكَرْنا من الاخْتِلافِ فيه.

فصل: وكلُّ عَقْدِ مُعاوَضَةٍ يَجْرِى مَجْرَى البَيْعِ، في أنَّ الثَّمَرَةَ المُؤَبَّرَةَ تكونُ لمَنِ


(١٧) الفُحَّال؛ بضم الفاء المعجمه وتشديد الحاء: ذكر النخل.
(١٨) سقط من: م.
(١٩) في م: "يصلح".
(٢٠) في الأصل: "يشقق".
(٢١) في الأصل: "فلكل".

<<  <  ج: ص:  >  >>