للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابنُ دُرَيْد:

ألِيَّةً باليَعْمَلاتِ تَرْتَمِى ... بِها النَّجاءُ بَيْنَ أَجْوازِ الفَلَا (١٠)

وقال:

بَلْ قَسَمًا بالشُّمِّ مِنْ يَعْرُبَ هَلْ ... لمُقْسِمٍ مِنْ بَعْدِ هذا مُنْتَهَى (١١)

فصل: فإنْ قال: أَقْسَمْتُ، أو آلَيْتُ، أو حَلَفْتُ، أو شَهِدْتُ لأَفْعلنَّ. ولم يذْكُرْ باللَّهِ، فعن أحمدَ رِوايتان؛ إحْداهُما، أنَّها يَمينٌ، سواءٌ نَوَى اليَمِينَ أو أَطلَقَ. ورُوِىَ نحوُ ذلك عن عمرَ، وابنِ عَبّاسٍ، والنَّخَعِىِّ، والثَّوْرِىِّ، وأبى حنيفةَ، وأصْحابِه. وعن أحمدَ، إنْ نَوَى اليَمِينَ باللَّهِ كان يَمِينًا، وإلَّا فلا. وهو قولُ مالِكٍ، وإسحاقَ، وابنِ المُنْذِرِ؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ الْقَسَمَ باللَّهِ تعالى وبغيرِه، فلم تكُنْ يَمِينًا حتى يَصْرِفَه بِنِيَّتِهِ إلى ما تجِبُ به الكَفَّارَةُ. وقال الشّافِعِىُّ: ليس بيَمِينٍ وإِنْ نَوَى. ورُوِىَ نحوُ ذلِك عن عَطاءٍ، والحسنِ، والزُّهْرِىِّ، وقَتادَةَ، وأبى عُبَيْدٍ؛ لأنّها عَرِيَتْ عن اسمِ اللَّهِ وصِفَتِهِ، فلم تكُنْ يَمِينًا، كما لو قال: أَقْسَمْتُ بالبَيْتِ. وَلنا، أنَّه قد ثَبَتَ لها عُرْفُ الشَّرْعِ والاسْتِعْمالِ، فإنَّ أبا بكرٍ قال: أقْسَمْتُ عَلَيْكَ يا رسولَ اللَّهِ، لَتُخْبِرَنِّى بما أَصَبْتُ ممَّا أَخْطَأْتُ. فقال النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا تُقْسِمْ يَا أَبَا بَكْرٍ". روَاه أبو داود (١٢). وقال العَبّاسُ للنَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: أَقْسَمْتُ عليكَ يا رسولَ اللَّه، لَتُبايِعَنَّه. فبايَعَه النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقال: "أَبْرَرْتُ قَسَمَ عَمِّى، ولَا هِجْرَةَ" (١٣). وفى كتاب اللَّه تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ


(١٠) ديوان ابن دريد ١١٩، واليعملات: النوق الصلبة القوية على السير، والنجاء: السرعة فى المشى.
(١١) ديوان ابن دريد ١٢٢.
(١٢) فى: باب فى القسم هل يكون يمينا؟ من كتاب الأيمان والنذور. سنن أبى داود ٢/ ٢٠٣.
كما أخرجه البخارى تعليقا، فى: باب قول اللَّه تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ}، من كتاب الأيمان والنذور، وموصولا، فى: باب من لم ير الرؤيا لأول عابر. . .، من كتاب التعبير. صحيح البخارى ٨/ ١٦٦، ٩/ ٥٥. ومسلم، فى: باب فى تأويل الرؤيا، من كتاب الرؤيا. صحيح مسلم ٤/ ١٧٧٨. والدارمى، فى: باب القسم يمين، من كتاب النذور والأيمان. سنن الدارمى ٢/ ١٨٦.
(١٣) أخرجه ابن ماجه، فى: باب إبرار القسم، من كتاب الكفارات. سنن ابن ماجه ١/ ٦٨٤. والإمام أحمد، فى: المسند ٣/ ٤٣٠، ٤٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>