للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا رسولَ اللَّه، إن ابْنِى هذا كان بَطْنِى له وِعاءً، وثَدْيِى له سِقاءً، وحِجْرِى له حِواءً، وإنَّ أباه طَلَّقَنِى، وأراد أن يَنْزِعَه مِنِّى. فقال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنْتِ أحَقُّ بِهِ مَا لَم تَنْكِحِى". روَاه أبو داودَ (٢). ويُرْوَى أنَّ أبا بكرٍ الصِّدِّيقَ، حَكَمَ على عمرَ بن الخَطَّابِ بعاصمٍ لأُمِّه أُمِّ عاصِمٍ، وقال: رِيحُها وشمُّها ولُطْفُها، خَيْرٌ له منك. روَاه سعيدٌ، في "سُنَنِه" (٣). ولأنَّها أقْرَبُ إليه، وأشْفَقُ عليه، ولا يُشارِكُها في القُرْبِ إلَّا أبُوه، وليس له مثلُ شَفَقَتِها، ولا يَتَولَّى الحَضانةَ بنَفْسِه، وإنَّما يَدْفَعُه إلى امرأتِه، وأُمُّه أوْلَى به من امْرأةِ أَبِيه.

فصل: فإن لم تكُنِ الأمُّ من أهْلِ الحَضانةِ، لِفُقْدانِ الشُّروطِ التي ذكرْنا فيها (٤)، أو بعضِها، فهى كالمَعْدُومةِ، وتَنْتَقِلُ (٥) إلى مَنْ يَلِيها في الاسْتِحْقاقِ. ولو كان الأبَوانِ مِن غيرِ أهلِ الحَضانةِ، انتقلتْ إلى من يَلِيهِمَا؛ لأنَّهما كالمَعْدُومَيْنِ.

فصل: ولا تثْبُتُ الحضانةُ إلَّا على الطِّفْل والمَعْتُوهِ (٦)، فأمَّا البالغُ الرَّشِيدُ، فلا حضانةَ عليه، وإليه الخِيَرَةُ [في الإِقَامةِ] (٧) عند مَنْ شاءَ من أبَوَيْه، فإن كان رَجُلًا، فله الانْفِرادُ بنَفْسِه، لِاسْتِغنائِه عنهما، ويُسْتَحَبُّ أن لا يَنْفَرِدَ عنهما، ولا يَقْطَعَ بِرَّه عنهما، وإن كانتْ جارِيةً لم يكُنْ لها الانْفرادُ، ولأَبِيها مَنْعُها منه؛ لأنَّه لا يُؤْمَنُ أن يَدْخُلَ عليها مَنْ يُفْسِدُها، ويُلْحِقُ العارَ بها وبأهْلِها، وإن لم يكنْ لها أبٌ، فلِوَلِيِّها وأهْلِها مَنْعُها من ذلك.


(٢) في: باب من أحق بالولد، من كتاب الطلاق. سنن أبي داود ١/ ٥٢٩.
(٣) في: باب الغلام بين الأبوين أيهما أحق به، من كتاب الطلاق. السنن ٢/ ١٠٩، ١١٠.
كما أخرجه الإِمام مالك، في: باب ما جاء في المؤنث من الرجال ومن أحق بالولد، من كتاب الوصية. الموطأ ٢/ ٧٦٧، ٧٦٨. وابن أبي شيبة، في: باب الرجل يطلق امرأته ولها ولد صغير، من كتاب الطلاق. المصنف ٥/ ٢٣٦ - ٢٣٨.
(٤) سقط من: أ.
(٥) في أزيادة: "الحضانة".
(٦) في ب، م: "أو المعتوه".
(٧) سقط من: ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>