للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بكرٍ؛ لأنَّ الحقَّ لواحدٍ منهم غيرِ معلومٍ، فيُقْرَعُ بينَهم، كما لو أعْتَقَ عبدًا من عَبِيدِه وأشْكَلَ، ويُخالِفُ القتلَ، فإنَّه إراقَةُ دَمٍ تَنْدَرِئُ بالشُّبهاتِ، بخلافِ الرِّقِّ، ولهذا يَمْتَنِعُ (٣) القتلُ فى النِّساءِ والصِّبْيانِ دُونَ الاسْتِرْقاقِ. وقال الأوْزَاعِىُّ: إذا أسْلَمَ واحدٌ من أهلِ الحِصْنِ، قَبْلَ فَتْحِه، أشْرَفَ علينا، ثم أشْكَلَ، فادَّعَى كلُّ واحدٍ منهم أنَّه الذى أسْلَم: يَسْعَى كلُّ واحدٍ منهم فى قِيَمةِ نفسِه، ويُتْرَكُ له عُشْرُ قِيمَتِه. وقياسُ مذهبِنا أنَّ فيها وَجْهَيْن، كالتى قبلَها.

فصل: قال أحمد: إذا قال الرجلُ: كُفَّ عنِّى حتى أدُلَّكَ على كذا. فبَعَثَ معه قومًا (٤) ليدُلَّهم، فامْتَنَعَ من الدَّلالَةِ، فلهم ضَرْبُ عُنُقِه؛ لأنَّ أمانَه بشَرْطٍ، ولم يُوجَدْ. وقال أحمدُ: إذا لَقِىَ عِلْجًا، فطلبَ منه الأمانَ، فلا يُؤَمِّنُه، لأنَّه يُخافُ شَرُّه، وإنْ كانوا سَرِيَّةً، فلهم أمانُه. يعْنِى أنَّ السَّرِيَّةَ لا يخافُون مِن غَدْرِ العِلْجِ قَتْلَهم، بخلافِ الواحدِ، وإنْ لقِيَتِ السَّرِيَّةُ أعْلاجًا، فادَّعَوا أنَّهم جاءُوا مُسْتَأمِنين، فإنْ كان معهم سلاحٌ، لم يُقْبَلْ قولُهم؛ لأنَّ حَمْلَهم للسِّلاحِ (٥) يدُلُّ على مُحارَبَتهم، وإنْ لم يكُنْ معهم سِلاحٌ، قُبِلَ قولُهم؛ لأنَّه يدُلُّ على صِدْقِهم.

فصل: وإذا دخَلَ حَرْبِىٌّ دارَ الإِسلامِ بغيرِ أمانٍ، نظَرْتَ؛ فإنْ كان معه مَتاعٌ يَبِيعُه فى دارِ الإِسلامِ، وقد جَرَت العادَةُ بدُخولِهم إلينا تُجَّارًا بغيرِ أمانٍ، لم يُعْرَضْ لهم. وقال أحمد: إذا رَكِبَ القومُ فى البحرِ، فاسَتقْبَلَهُم فيه تُجَّارٌ مُشْرِكون من أرضِ العَدُوِّ، يُريدون بلادَ الإسْلامِ، لم يَعْرِضُوا لهم، ولم يقاتِلُوهم، وكلُّ مَنْ دخَلَ بلادَ المسلمين من أهلِ الحَرْبِ بتجارةٍ، بُويعَ، ولم (٦) يُسْأَلْ عن شىءٍ، وإنْ لم تكنْ معه تجارةٌ، فقال: جِئْتُ مُسْتأْمِنًا. لم يُقْبَلْ منه، وكان الإِمامُ مُخيَّرًا فيه. ونحوُ هذا قولُ (٧) الأوْزاعِىِّ، والشافِعِىِّ. وإنْ كان ممَّنْ ضلَّ الطريقَ، أو حَمَلَتْهُ الرِّيحُ فى مَرْكَبٍ (٨) إلينا، فهو لمَنْ أخذَهُ، فى إحْدَى الرِّوايَتَيْن، والأخْرَى، يكُونُ فَيْئًا.


(٣) فى م: "يمنع".
(٤) فى م: "قوم".
(٥) فى م: "السلاح".
(٦) فى أ: "ولا".
(٧) فى م: "قال".
(٨) فى م: "الركب".

<<  <  ج: ص:  >  >>