للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على (١٠) غيرِه. وذَكَرَ هذا الحَدِيثَ سَعِيدُ بن منصُورٍ، عن الوَلِيدِ بن مُسْلِمٍ، عن الأوْزَاعِىِّ، وعن واصِلِ بن أبِى جَمِيلٍ، عن مُجاهِدٍ، وقال في آخِرِه: فحَدَّثْتُ به (١١) مَكْحُولًا، فقال: ما يسُرُّنِى بهذا الحَدِيثِ وَصِيفٌ (١٢). وحُكْمُ هذه المَسْأَلَةِ حُكْمُ المَسْأَلةِ التي ذَكَرْناها في صَدْرِ الفَصْلِ، وهما فاسِدَانِ؛ لأنَّ مَوْضُوعَ المُزَارَعةِ على أنَّ البَذْرَ من رَبِّ الأرْضِ، أو من العامِلِ، وليس هو ههُنا من واحدٍ منهما. وليست شَرِكَةً؛ لأنَّ الشَّرِكَةَ تكونُ بالأثْمانِ، وإن كانت بالعُرُوضِ، اعْتُبِرَ كَوْنُها مَعْلُومةً، ولم يُوجَدْ شيءٌ من ذلك ههُنا. وليست إجَارَةً؛ لأنَّ الإِجَارَةَ تَفْتَقِرُ إلى مُدَّةٍ مَعْلُومةٍ، وعِوَضٍ مَعْلُومٍ. وبهذا قال مالِكٌ، والشافِعِىُّ (١٣)، وأصْحابُ الرَّأْىِ. فعلى هذا يكونُ الزَّرْعُ لِصَاحِبِ البَذْرِ؛ لأنَّه نَمَاءُ مالِه، ولِصَاحِبَيْهِ عليه أجْرُ مِثْلِهِما؛ لأنَّهما دَخَلَا على أن يُسَلِّمَ لهما المُسَمَّى، فإذا لم يُسَلِّم، عادَ إلى بَدَلِه. وبهذا قال الشافِعِىُّ، وأبُو ثَوْرٍ. وقال أصْحابُ الرَّأْىِ: يَتَصَدَّقُ بالفَضْلِ. والصَّحِيحُ أنَّ النَّماءَ لِصاحِبِ البَذْرِ، ولا تَلْزَمُه الصَّدَقَةُ به، كسائِر مالِه. ولو كانت الأرْضُ لِثلاثةٍ، فاشْتَرَكُوا على أن يَزْرَعُوها بِبَذْرِهِم ودَوَابِّهِم وأعْوَانِهِم، على أنَّ ما أخْرَجَ اللهُ بينهم على قَدْرِ مالِهِم، فهو جائِزٌ. وبهذا قال مالِكٌ، والشافِعِىُّ، وأبُو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ. ولا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا؛ لأنَّ أحَدَهُم لا يَفْضُلُ صاحِبَيْهِ بشيءٍ.

فصل: وإذا زارَعَ رَجُلًا، أو آجَرَهُ أرْضَه فزَرَعَها، وسَقَطَ من الحَبِّ شيءٌ، فنَبَتَ في تلك الأرْضِ عامًا آخَرَ، فهو لِصَاحِبِ الأرْضِ. [نَصَّ عليه أحمدُ في رِوَايةِ أبى داوُدَ، ومحمدِ بن الحارِثِ. وقال الشافِعِىُّ: هو لِصَاحِبِ الحَبِّ] (١٤)؛ لأنَّه عَيْنُ مالِه، فهو كما لو بَذَرَه قَصْدًا. ولَنا، أنَّ صاحِبَ الحَبِّ أسْقَطَ حَقَّه منه بِحُكْمِ العُرْفِ،


(١٠) في ب: "في".
(١١) سقط من: ب.
(١٢) في الأصل، ب: "وصيفا".
والوصيف: الخادم، غلاما كان أو جارية.
(١٣) جاءت علامة بداية الصفحة مبكرة، لأن بقية السابقة مضروب عليها.
(١٤) سقط من: ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>