للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَوْقِيفَ ههُنا، فيَجِبُ حَمْلُه على اليَقِينِ، وهو أقلُّ ما يَتَناوَلُه الاسمُ. وقال ابنُ أبى موسى: الزمانُ ثلاثةُ أشْهُرٍ. وقال طَلْحَةُ العاقُولِىُّ: الحِينُ والزمانُ والعمرُ واحِدٌ؛ لأنَّهم لا يُفَرِّقُون فى العادَةِ بينها (١٧)، والناسُ يقْصِدُونَ بذلك التَّبْعِيدَ (١٨)، فلو (١٩) حُمِلَ على القليلِ، حُمِلَ على خِلافِ قَصْدِ الحالِفِ. و"دَهْرٌ" (٢٠) يَحْتَمِلُ أنَّه كالحِينِ أيضًا لهذا المَعْنَى. وقال فى "بعيدٍ"، و"ملىٍّ" و"طويلٍ": هو على (٢١) أكْثَرَ من شَهْرٍ. وهذا قولُ أبى حنيفةَ؛ لأنَّ ذلك ضِدُّ القليلِ، فلا يجوزُ حَمْلُه على ضِدِّه. ولو حملَ العُمْرَ على أرْبَعِين عامًا، لَكان (٢٢) حَسَنًا؛ لقولِ اللَّه تعالى مُخْبِرًا عن نَبِيِّه عليه السلام: {فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ} (٢٣). وكان ذلك (٢١) أرْبَعِينَ سَنَةً، فيجبُ حَمْلُ الكلامِ عليه، ولأنَّ العُمْرَ فى الغالِبِ لا يكونُ إِلَّا مُدَّةً طويلةً، فلا يُحْمَلُ على خِلافِ ذلك.

فصل: فإنْ حَلَفَ لا يُكَلِّمُه الدَّهْرَ، أو الأَبَدَ، أو الزَّمانَ. فذلك على الأَبَدِ؛ لأنَّ ذلِكَ بالألِفِ واللَّامِ، وهى (٢٤) للاسْتِغْراقِ، فتَقْتَضِى الدَّهْرَ كُلَّه.

فصل: وإِنْ حَلَفَ على أيَّامٍ، فهى ثلاثةٌ؛ لأنَّها أقَلُّ الجَمْعِ (٢٥)، قال اللَّهُ تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِى أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} (٢٦). وهى أيَّامُ التَّشْرِيقِ. وإِنْ حَلَفَ على أشْهُرٍ، فهى ثَلاثَةٌ؛ لأنَّها أقلُّ الجَمْعِ. وإِنْ حَلَفَ على شُهورٍ، فاخْتارَ أبو الخَطَّاب، أنَّها ثَلاثَةٌ؛ لذلك. وقال غيْرُه: يتَناولُ يَمِينُه اثْنَىْ عَشَرَ شَهْرًا؛ لقولِ اللَّه تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ


(١٧) فى م: "بينهما".
(١٨) فى أ: "البعيد".
(١٩) فى ب: "فما".
(٢٠) فى م: "والدهر".
(٢١) سقط من: م.
(٢٢) فى ب، م: "كان".
(٢٣) سورة يونس ١٦.
(٢٤) سقط من: الأصل، أ، ب.
(٢٥) فى ب زيادة: "وإن حلف على شهور".
(٢٦) سورة البقرة ٢٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>