للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصاعدًا، فإن كان لدُونِ ذلك، ففيه غُرَّةٌ، كما لو سَقَطَ مَيِّتًا (١٠). وبهذا قال الْمُزَنىُّ. وقال الشافعيُّ: فيه دِيَةٌ كاملةٌ؛ لأنَّنا عَلِمْنا حياتَه، وقد تَلِفَ من جِنايَتِه. ولَنا، أنَّه لم تُعْلَمْ فيه حَياةٌ يُتَصَوَّرُ (١١) بَقاؤُه بها، فلم تَجِبْ فيه دِيَةٌ، كما لو ألْقَتْه مَيِّتًا، وكالمَذْبُوحِ. وقولُهم: إنَّنا عَلِمْنا حياتَه. قُلْنا: وإذا سَقَطَ مَيِّتًا وله سِتَّةُ أشْهُرٍ، فقد عَلِمْنا حياتَه أيضًا.

فصل: وإذا ادَّعَتِ امرأةٌ على إنسانٍ أنَّه ضَرَبَها، فأسْقَطَتْ جَنِينَها، فأنْكَرَ الضَّرْبَ، فالقولُ قولُه مع يَمِينِه؛ لأنَّ الأصْلَ عَدَمُ الضَّرْبِ. وإن أقَرَّ بالضَّرْبِ، أو قامَتْ به بَيِّنةٌ، وأنْكَرَ أن تكونَ أسْقَطَتْ، فالقولُ قولُه أيضًا مع يَمِينِه أنَّه (١٢) لا يَعْلَمُ أنَّها أسْقَطَتْ، ولا تَلْزَمُه اليمينُ على الْبَتِّ؛ لأنَّها يَمِينٌ على نَفْىِ (١٣) فِعْلِ الغَيْرِ، والأصْلُ عَدَمُه. وإن ثَبَتَ الإِسْقاطُ والضَّرْبُ بَبَيِّنَةٍ أو إقْرارٍ، فادَّعَى أنَّها أسْقَطَتْه من غيرِ ضَرْبةٍ، نَظَرْنا؛ فإنْ كانت أسْقَطَتْ عَقِيبَ ضَرْبِه، فالقولُ قولُها؛ لأنَّ الظَّاهرَ أنَّه منه، لوُجُودِه عَقِيبَ شيءٍ يَصْلُحُ أن يكونَ سَبَبًا له. وإن ادَّعَى أنَّها ضَرَبَتْ نَفْسَها، أو شَرِبَتْ دواءً، أو فَعَلَ ذلك غيرُها، فحَصَلَ الإِسقاطُ به، فأنْكَرَتْه، فالقولُ قولُها مع يَمِينِها؛ لأنَّ الأصْلَ عَدَمُ ذلك. وإن أسْقَطَتْ بعدَ الضَّرْبِ بأيَّامٍ، نَظَرْنا؛ فإن كانتْ مُتَأَلِّمةً إلى حينِ الإِسْقاطِ، فالقولُ قولُها، وإن لم تَكُنْ مُتألِّمةً، فالقولُ قولُه مع يَمِينِه، كما لو ضَرَبَ إنْسانًا فلم يَبْقَ مُتأَلِّمًا ولا ضَمِنًا، ومات بعدَ أيَّامٍ. وإن اخْتلَفا في وُجُودِ التَّأَلُّمِ، فالقولُ قولُه؛ لأنَّ الأصْلَ عَدَمُه. وإن كانت مُتألِّمةً في بعضِ المُدَّةِ، فادَّعَى أنَّها بَرَأتْ، وزال ألَمُها، وأنْكَرَتْ ذلك، فالقولُ قولُها؛ لأنَّ الأصْلَ بقاؤُه. وإن ثَبَتَ إسْقاطُها من الضَّرْبةِ، فادَّعَتْ سُقُوطَه حَيًّا، وأنْكَرَها، فالقولُ قولُه مع يَمِينِه، إلَّا أن


(١٠) في م: "متألما".
(١١) في ب زيادة: "بيان".
(١٢) في م: "لأنه".
(١٣) سقط من: ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>