للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

زَوَّجَها أو أعْتَقَها. وقال (٢) الشافعىُّ: إذا شَرَطَ ذلك فى عَقْدِ الكِتابةِ، فَسَدَ؛ لأَنَّه شَرْطٌ فاسِدٌ، فأفْسَدَ العَقْدَ، كما لو شَرَطَ عِوَضًا فاسِدًا. وقال مالكٌ: لا يَفْسُدُ العَقْدُ به؛ لأَنَّه لا يُخِلُّ بِرُكْنِ العَقْدِ، ولا شَرْطِه، فلم يَفْسُدْ (٣)، كالصَّحِيحِ. ولَنا، قولُ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "المُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ" (٤). ولأنَّها مَمْلُوكةٌ، له شَرْطُ نَفْعِها، فصَحَّ، كشَرْطِ اسْتِخْدامِها، يُحَقِّقُ هذا أَنَّ مَنْعَه مِن وَطْئِها مع بَقَاءِ مِلْكِه عليها، ووُجُودِ المُقْتَضِى لحِلِّ وَطْئِها، إنَّما كان لِحَقِّها، فإذا اشْتَرَطَه (٥) عليها، جازَ، كالخِدْمةِ، ولأنَّه اسْتَثْنَى بعضَ ما كان له، فصَحَّ، كاشْتِراطِ الخِدْمةِ، وفارَقَ البَيْعَ؛ لأَنَّه يُزِيلُ مِلْكَه عنها.

فصل: فإنْ وَطِئَها مع الشَّرْطِ، فلا حَدَّ عليه، ولا تَعْزِيرَ، ولا مَهْرَ؛ لأَنَّه وَطْءٌ يَمْلِكُه، ويُبَاحُ له، فأشْبَهَ وَطْأَها قبلَ كِتَابَتِها. وإن وَطِئَها مِن غيرِ شَرْطٍ، فقد أسَاءَ، وعليه التَّعْزِيرُ؛ لأَنَّه وَطْءٌ مُحَرَّمٌ، ولا حَدَّ عليه. فى قولِ عامَّةِ الفُقَهاءِ، لا نعلمُ فيه خِلافًا، إِلَّا عن الحسنِ، والزُّهْرِىِّ؛ فإنَّهما قالا: عليه الحَدُّ؛ لأَنَّه عَقَدَ عليها عَقْدَ مُعَاوَضةٍ يُحَرِّمُ الوَطْءَ، فأوْجَبَ الحَدَّ بوَطْئِها، كالبَيْعِ. ولَنا، أنَّها مَمْلوكَتُه، فلم يَجِب الحَدُّ بوَطْئِها، كأمَتِه المُسْتَأْجَرةِ والمَرْهُونةِ، وتُخالِفُ البَيْعَ؛ فإنَّه يُزِيلُ المِلْكَ، والكِتابةُ لا تُزِيلُه؛ بدليلِ قولِه عليه السلام: "الْمُكاتَبُ عَبْدٌ ما بَقِىَ عليه دِرْهَمٌ" (٦). وعليه مَهْرُها لها (٧)؛ لأَنَّه اسْتَوْفَى مَنْفَعَتَها المَمْنُوعُ مِن اسْتِيفائِها، فكان عليه عِوَضُها، كمنافِعِ بَدَنِها.

فصل: وإِنْ أوْلَدَها، صارتْ أُمَّ ولَدٍ له، سَواءٌ وَطِئَها بشَرْطٍ أو بغيرِ شَرْطٍ؛ لأَنَّه أحْبَلَها بحُرٍّ فى مِلْكِه، فكانتْ أُمَّ ولَدِه، كغيرِ المُكاتَبةِ، والوَلَدُ حُرٌّ؛ لأَنَّه ولَدُه مِن مَمْلُوكَتِه، ويَلْحَقُه نَسَبُه لذلك، ولأنَّه مِن وَطْءٍ سَقَطَ فيه الحَدُّ للشُّبْهةِ، فأشْبَهَ ولَدَ


(٢) فى الأصل زيادة: "عقيل و".
(٣) فى أ، ب، م: "يفسده".
(٤) تقدم تخريجه، فى: ٦/ ٣٠.
(٥) فى م: "شرطه".
(٦) تقدم تخريجه، فى: ٩/ ١٢٤، ١٢٥.
(٧) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>