للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّ عمرَ، رَضِيَ اللهُ عنه، أمَرَهُ في العَسَلِ بِالعُشْرِ. أمَّا اللَّبَنُ فإنَّ الزكاةَ وَجَبَتْ في أصْلِه، وهي السَّائِمَةُ، بِخِلافِ العَسَلِ. وقولُ أبي حنيفةَ يَنْبَنِي على أنَّ العُشْرَ والخَرَاجَ لا يَجْتَمِعَانِ، وسَنَذْكُرُ ذلك إنْ شاءَ اللهُ تعالى.

فصل: ونِصابُ العَسَلِ عَشَرَةُ أفْرَاقٍ. وهذا قَوْلُ الزُّهْرِيِّ. وقال أبو يوسفَ، ومحمد: خَمْسَةُ أوْسَاقٍ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "ليْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أوسُقٍ صَدَقَةٌ" (٨٣). وقال أبو حنيفةَ: تَجِبُ (٨٤) في قَلِيلِه وكَثِيرِه، بِنَاءً على أصْلِه في الحُبُوبِ والثِّمَارِ. ووَجْهُ الأوَّل ما رُوِيَ عن عمرَ، رَضِيَ اللَّه عنه، أنَّ نَاسًا سَأَلُوهُ، فقالُوا: إنَّ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَطَعَ لنا وَادِيًا باليَمَنِ، فيه خَلَايَا مِن نَحْلٍ، وإنَّا نَجِدُ نَاسًا يَسْرِقُونَها. فقال عمرُ، رَضِيَ اللهُ عنه: إنْ أدَّيْتُمْ صَدَقَتَها، مِن كلِّ (٨٤) عَشَرَةِ أفْرَاقٍ فَرَقًا، حَمَيْنَاهَا لكم. رَوَاهُ الجُوزَجَانِيُّ (٨٥). وهذا تَقْدِيرٌ من عمرَ، رَضِيَ اللَّه عنه، فَيَتَعَيَّنُ المَصِيرُ إليه. إذا ثَبَتَ هذا فإنَّ الفَرَقَ سِتَّةَ عَشَرَ رَطْلًا بالعِرَاقِيِّ، فيكون نِصَابُه مائةً وسِتِّينَ رِطْلًا. وقال أحمدُ، في رِوَايَةِ أبي دَاوُدَ: قال الزُّهْرِيُّ، في عَشَرَةِ أفْرَاقٍ فَرَقٌ، والفَرَقُ سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا. وقال ابْنُ حامِدٍ: الفَرْقُ سِتُّونَ رِطْلًا، فيكونُ النِّصَابُ سِتَّمائةِ رِطْلٍ، فإنَّه يُرْوَى أنَّ الخَلِيلَ بن أحمدَ، قال: الفَرْقُ، بإسْكَانِ الرَّاءِ: مِكْيَالٌ ضَخْمٌ مِن مَكايِيلِ أهْلِ العِرَاقِ. وقِيلَ: هو مائةٌ وعِشْرُونَ رَطْلًا، ويَحْتَمِلُ أن يكونَ نِصَابُه ألْفَ رَطْلٍ، لِحَدِيثِ عَمْرِو بن شُعَيْبٍ، أنَّه كان يُؤْخَذُ في زَمانِ رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِن قِرَبِ العَسَلِ مِن كلِّ عَشْرِ قِرَبٍ قِرْبَةٌ من أَوْسَطِها (٨٦). والقِرْبَةُ عندَ الإطْلَاقِ مائِةُ رَطْلٍ، بِدَلِيلِ أنَّ


(٨٣) تقدم تخريجه في صفحة ١٢.
(٨٤) سقط من: الأصل.
(٨٥) وأخرجه عبد الرزاق، في: باب صدقة العسل، من كتاب الزكاة. المصنف ٤/ ٦٣.
(٨٦) هو الذي تقدم في الصفحة السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>