للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك لوَكِيلِه. وإن كانت وِلايَتُه وِلايةَ مُرَاجَعةٍ، احتاجَ الوكيلُ (١٦) إلى إذْنِها ومُرَاجَعَتِها؛ لأنَّه نائبٌ فيثبتُ (١٧) له مثلُ ما ثَبَتَ (١٨) لمَنْ يَنُوبُ عنه. وكذلك الحكمُ فى السلطانِ والحاكمِ يأْذَنُ لغيرِه فى التَّزْويج، فيكونُ المأذونُ له قائِمًا مَقامَه.

فصل: واخْتَلَفتِ الرِّوايةُ عن أحمدَ، رَحِمهُ اللَّه، هل تُسْتفادُ وِلايةُ (١٩) النِّكاحِ بالوَصِيَّةِ؟ فرُوِىَ أنَّها تُسْتفادُ بها. وهو اختيارُ الْخِرَقِىِّ؛ لقوله: أو وَصَّى ناظرًا (٢٠) له فى التَّزْويج. وهو قولُ الحسنِ، وحمَّادِ بن أبى سليمانَ، ومالكٍ. وعنه لا تُسْتفادُ بالوَصِيَّةِ. وبه قال الثَّوْرِىُّ، والشَّعْبِىُّ، والنَّخَعِىُّ، والحارثُ العُكْلِىُّ، وأبو حنيفةَ، والشافعىُّ، وابنُ المُنْذِرِ؛ لأنَّها وِلايةٌ تَنْتَقِلُ إلى غيرِه شَرْعًا، فلم يَجُزْ أن يُوصِى بها كالحَضانةِ، ولأنَّه لا ضَرَرَ على الوَصِىِّ فى تَضْييعِها ووَضْعِها عند مَنْ لا يُكافِئُها، فلم تَثْبُتْ له الولايةُ كالأجْنَبىِّ، ولأنَّها وِلاية نِكاحٍ، فلم تَجُزِ الوَصِيَّةُ بها، كوِلايةِ الحاكمِ. وقال أبو عبدِ اللَّه ابن حامدٍ: إن كان لها عَصَبةٌ، لم تَجُزِ الوَصِيّةُ بنِكاحِها؛ [لأنَّه يُسْقِطُ حقَّهم بوَصِيَّتِه] (٢١)، وإن لم يكُنْ عَصَبةٌ، جاز لعدَمِ ذلك. ولَنا، أنَّها وِلايةٌ ثابتةٌ للأبِ، فجازَتْ وَصِيَّتُه بها، كوِلاِيةِ المالِ، ولأنَّه يجوزُ أن يَسْتَنِيبَ فيها فى حَياتِه، فيكونَ نائِبُه قائِمًا مقامَه بعدَ مَوْتِه، فجاز أن يسْتنيبَ فيها، كوِلايةِ المالِ. وما ذكرُوه يَبْطُلُ بوِلايةِ المالِ. فعلى هذا لا يَصِيرُ وَصِيًّا فى النِّكاحِ بالوَصِيَّةِ إليه فى المالِ؛ لأنَّها إحْدَى الوِلايتَيْنِ، فلم يَمْلِكْها بالوصيةِ [إليه فى المالِ] (٢٢)، كالوَصِيَّةِ (٢٣) الأُخْرَى، قِياسًا على وَصِيَّةِ المالِ لا تُمْلَكُ بالوَصِيَّةِ فى النِّكاحِ.


(١٦) سقط من: م.
(١٧) فى الأصل، ب: "فثبت".
(١٨) فى أ: "يثبت".
(١٩) فى م: "الولاية فى".
(٢٠) فى الأصل، ب: "ناظر".
(٢١) سقط من: الأصل.
(٢٢) سقط من: أ، ب، م.
(٢٣) سقط من: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>