للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على عُرَنَةَ (٥) إلى الجِبَالِ المُقَابِلة له إلى ما يَلِى حَوَائِطَ بَنِى عَامِرٍ. وليس وَادِى عُرَنَةَ من المَوْقِفِ، ولا يُجْزِئُهُ الوُقُوفُ فيه. قال ابنُ عبدِ البَرِّ: أجْمَعَ الفُقَهاءُ (٦) على أنَّ مَن وَقَفَ به لا يُجْزِئُه. وحُكِىَ عن مالِكٍ، أنَّه يُهْرِيقُ دَمًا، وحَجُّهُ تَامٌّ. ولَنا، قَوْلُ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "كُلُّ عَرَفَةَ مَوْقِفٌ، وَارْفَعُوا عَنْ بَطْنِ عُرَنَةَ". رَوَاهُ ابنُ مَاجَه (٧). ولأنَّه لم يَقِفْ بِعَرَفَةَ، فلم يُجْزِئْهُ، كما لو وَقَفَ بِمُزْدَلِفَةَ. والمُسْتَحَبُّ أن يَقِفَ عندَ الصَّخَرَاتِ وجَبَلِ الرَّحْمَةِ، ويَسْتَقْبِلَ القِبْلَةَ؛ لما جاءَ فى حديثِ جابرٍ، أنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَعَلَ بَطْنَ نَاقَتِه القَصْواءِ إلَى الصَّخَرَاتِ، وجَعَلَ حَبْلَ المُشَاةِ بين يَدَيْهِ، واسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ (٨).

فصل: والأفْضَلُ، أن يَقِفَ رَاكِبًا على بَعِيرِه، كما فعل النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فإنَّ ذلك أعْوَنُ له على الدُّعَاءِ. قال أحمدُ، حين سُئِلَ عن الوُقُوفِ رَاكِبًا، فقال: النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَفَ على رَاحِلَتِهِ. وقيل: الرَّاجِلُ أَفْضَلُ؛ لأنَّه أخَفُّ على الرَّاحِلَةِ. ويَحْتَمِلُ التَّسْوِيَةَ بينهما (٩).

فصل: والوُقُوفُ رُكْنٌ، لا يَتِمُّ الحَجُّ إلَّا به، إجْمَاعًا. وقد رَوَى الثَّوْرِىُّ، عن بُكَيْر بن عَطاءٍ اللَّيْثِىِّ، عن عَبدِ الرحمنِ بن يَعْمَرَ (١٠) الدِّيلِىِّ، قال: أتَيْتُ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَرَفَةَ، فجاءَه نَفَرٌ من أهْلِ نَجْدٍ، فقالوا: يا رسولَ اللهِ، كَيْفَ الحَجُّ؛ قال: "الحَجُّ عَرَفَةُ، فَمَنْ جَاءَ قَبْلَ صَلَاةِ الفَجْرِ لَيْلَةَ جَمْعٍ فقد تَمَّ


(٥) بطن عرنة: واد بإزاء عرفات.
(٦) فى ب، م: "العلماء".
(٧) فى: باب الموقف بعرفات، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه ٢/ ١٠٠٢. وفيه: "بطن عَرَفَة".
كما أخرجه الإمام مالك، فى: باب الوقوف بعرفة والمزدلفة، من كتاب الحجّ. الموطأ ١/ ٣٨٨. والإمام أحمد، فى: المسند ٤/ ٨٢.
(٨) تقدَّم تخريج حديث جابر، فى صفحة ١٥٦.
(٩) سقط من: الأصل.
(١٠) فى النسخ: "نعم" خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>