للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنما يَحْلِفُ على ما يُدَّعَى عليه، ولا يُدَّعَى عليه غيرُ الدِّيَةِ.

فصل: وإذا جُرِحَ رَجُلٌ، فشَهِدَ له رجلانِ من وَرَثَتِه غير الوالِدين والمولودِين، نَظَرْتَ؛ فإن كانت الجِراحُ (٢١) مُنْدمِلة، فشَهادتُهما مَقْبُولَةٌ؛ لأنَّهما لا يَجُرَّان إلى أنْفُسِهما نَفْعًا، وإن كانت غيرَ مُنْدَمِلَةٍ، لم يُحْكَمْ بِشهادتِهما؛ لجَوَازِ أنْ تَصِيرَ نَفْسًا، فتجبَ الدِّيَةُ لهما بِشهادَتِهما، فإن شَهِدَا في تلك الحالِ، ورُدَّتْ شَهادتُهما، ثم انْدَمَلتْ، فأعَادا شهادتَهما، فهل تُقْبَلُ؟ على وَجْهَيْن؛ أحدُهما، لا تُقبلُ؛ لأنَّ الشَّهادةَ رُدَّتْ للتُّهْمَةِ، فَلَا تُقْبَلُ وإن زالتِ التُّهْمَةُ، كالفاسِقِ إذا أعاد شَهادتَه المرْدُودَةَ بعدَ عَدالتِه. والثاني: تُقبلُ؛ لأنَّ سببَ التُّهمةِ قد تحقَّقَ زَوالُه. وللشافعيِّ وَجْهان، كهذين. وإن شَهِدَ وَارِثَا المرِيضِ بمالٍ، ففى قَبُولِ شهادَتِهما له وَجْهانِ؛ أحدُهما، تُقْبلُ؛ لأنَّهما يُثْبِتانِ المالَ للمريضِ، وإن ماتَ انتقَلَ إليهما عنه، فأشْبهتِ الشَّهادَةَ للصَّحِيحِ، بِخِلافِ الجنايَةِ، فإنَّها إذا صارتْ نفسًا وجَبتِ الدِّيَةُ لهما بها. والوجْهُ الثاني، لا تُقْبَلُ؛ لأنَّه متى ثَبَتَ المالُ للمريضِ، تَعَلَّقَ حَقُّ ورثَتِه به، ولهذا لا يُنْفَذُ تَبرُّعُه فيه فيما زادَ على الثُّلثِ، وإنْ شَهِدَ للمَجْروحِ بِالجُرْحِ مَن لا يَرِثُه، لكَوْنِه مَحْجوبًا، كالأَخوين يَشْهَدانِ لأَخِيهما، وله ابنٌ، سُمِعَتْ شَهادتُهما، فإنْ ماتَ ابنُه، نَظَرتَ؛ فإنْ كان الحاكِمُ حَكَمَ بِشَهادتِهما، لم يُنْقَضْ حُكمُه؛ لأنَّ ما يَطْرَأُ بعدَ الحُكْمِ بالشَّهادَةِ لا يُؤَثِّرُ فيها، كالفِسْقِ، وإنْ كان ذلك قبلَ الحُكْمِ بالشَّهادةِ، لم يُحْكَمْ بها؛ لأنَّهما صَارا مُسْتَحِقَّيْنِ، فلا يُحْكَمُ بِشهادتِهما، كما لو فَسَقَ الشَّاهِدانِ قبلَ الحُكْمِ بشَهادتِهم. وإن شُهِدَ على رَجُلٍ بِالجِراحِ المُوجِبةِ للدِّيَةِ على العاقِلَةِ، فشَهِدَ بَعْضُ عَاقِلَة المشْهُودِ عليه بجَرْحِ الشُّهودِ، لم تُقْبَلْ شَهادَتُه، وإنْ كان فقيرًا؛ لأنَّه قد يَكونُ ذا مالٍ وقتَ العَقْلِ، فيَكونُ دافِعًا عن نَفْسِه، وإن كان (٢٢) الجرْحُ (٢٣) ممَّا لا


(٢١) في ب، م: "الجرح".
(٢٢) سقط من: الأصل.
(٢٣) سقط من: ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>