للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"وَافْعَلْ ذَلِكَ في صَلَاتِكَ كُلِّهَا (٤٨) ". فيتناولُ الأمْرَ بالقِراءةِ. وعن جابرٍ، قال: "مَنْ صلَّى رَكْعَةً، فلم يَقْرَأْ فيها [بِأُمِّ القرآنِ] (٤٩)، فَلَمْ يُصَلِّ. إلَّا خَلْفَ الإِمَامِ". رَوَاهُ مالكٌ، في "المُوَطَّإِ" (٥٠). وحديثُ عَلِىٍّ يَرْوِيهِ الحَارِثُ الأعْوَرُ، قال الشَّعْبِىُّ: كان كَذَّابًا. ثم هو مِنْ قولِ عَلِيٍّ. وقد خالَفَهُ عمرُ، وجابرٌ، والإِسْرَارُ لا يَنْفِى الوُجُوبَ؛ بدَلِيلِ الأُولَيَيْنِ مِن الظهرِ والعصرِ.

فصل: ولا تُجْزِئُهُ القراءَةُ بغيرِ العربيَّةِ، ولا إبْدَالُ لَفْظِها بِلَفْظٍ عربِىٍّ، سواءٌ أحْسَنَ قراءَتَها بالعربِيةِ أو لم يُحْسِنْ. وبه قال الشافعيُّ، وأبو يوسف، ومحمدٌ. وقال أبو حنيفةَ: يَجُوزُ ذلك. وقال بعضُ أصحابه: إنَّما يَجُوزُ لِمَن لم يُحْسِنِ العربيَّةَ. واحْتَجَّ بِقوله تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} (٥١). ولا يُنْذَرُ كلُّ قومٍ إلَّا بِلِسَانِهم. (٥٢) ولَنا قولُ اللهِ تعالى: {قُرْآنًا عَرَبِيًّا} (٥٣). وقولُه تعالى: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} (٥٤). ولِأنَّ القُرْآنَ مُعْجِزَةٌ؛ لفظُهُ، ومَعْنَاه، فإذا غُيِّرَ خَرَجَ عن نَظْمِه، فلم (٥٥) يَكُنْ قُرْآنًا ولا مِثْلَه، وإنَّما يكونُ تَفْسِيرًا له، ولو كان تَفْسِيرُه مِثْلَه لَما عَجَزُوا عنه لَمَّا تَحَدَّاهُمْ بالإِتْيَانِ بِسُورَةٍ مِنْ (٥٦) مِثْلِه، أمَّا الإِنْذَارُ، فَإِنَّه إذا فَسَّرَهُ لهم كان الإِنْذَارُ بِالمُفَسَّرِ دُونَ التَّفْسِيرِ.


(٤٨) تقدم حديث المسيء في صلاته، في صفحة ١٢٧، ١٤٦.
(٤٩) تكملة من الموطأ.
(٥٠) في: باب ما جاء في أم القرآن، من كتاب النداء. الموطأ ١/ ٨٤.
(٥١) سورة الأنعام ١٩.
(٥٢) في حاشية م تقييد لمحمد رشيد رضا، ذكر فيه أن الحنفية نقلوا عن أبي حنيفة رجوعه عن هذا القرل. ثم قال: واستمر الإِجماع العملى على قراءة جميع المسلمين القرآن في الصلاة وغيرها بالعربية، ونعى على دعاة الترجمة للقرآن وغيره من الأذكار والتعبد، ووصفهم بالمرتدين. وعقب أبو الطاهر، بأنه كان للمحافظة على لغة القرآن أعظم الأثر في الوحدة الإسلامية وقوتها، وأفاد بأن حامل راية الدعوة إلى ترجمة القرآن هو الشيخ محمد مصطفى المراغي، وكان محمد رشيد رضا هو حامل راية الرد عليها.
(٥٣) سورة الزمر ٢٨.
(٥٤) سورة الشعراء ١٩٥.
(٥٥) في الأصل: "ولم".
(٥٦) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>