للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْمٍ، فهو لهم دُونَه. وهذا يَدُلُّ على أنَّهم مَلَكُوه بحُصُولِه فى دَارِهم. قُلْنا: هذا مَحْمُولٌ على أنَّه وَقَعَ مُمْتَنِعًا، فصادَه أهْلُ الدَّارِ، فمَلَكُوه باصْطِيادِهمْ. كذلك قال ابنُ عَقِيلٍ. ويَتَعَيَّنُ حَمْلُه على هذا؛ لأنَّهم إذا لم يَمْلِكُوا ما حَصَلَ فى دارِهِم بِفِعْلِ اللهِ تعالى، فما حَصَلَ بِفِعْلِ آدَمِىٍّ أوْلَى. ولأنَّه وَقَعَ فى الدَّارِ بعدَ الضَّرْبَةِ المُثْبِتةِ له، التى يُمْلَكُ بها الصَّيْدُ، فأشْبَه ما لو أطارَتِ الرِّيحُ ثَوْبَ إنْسانِ، فأَلْقَتْهُ فى دارِهِمْ. ولو كانت آلةُ الصَّيْدِ، كالشَّبَكَةِ، والشَّرَكِ، والمَناجِلِ، غيرَ مَنْصُوبَةٍ للصَّيْدِ، ولا قُصِدَ بها الاصْطِيادُ، فتَعَلَّقَ بها صَيْدٌ لم يَمْلِكْهُ صاحِبُها بذلك؛ لأَنَّها غيرُ مُعَدَّةٍ لِلصَّيْدِ فى هذه الحال، فأشْبَهَتِ الأرْضَ التى ليست مُعَدَّةً له.

فصل: وما حَصَلَ من الصَّيْدِ فى كَلْبِ إنْسانٍ أو صَقْرِه أو فَهْدِه، وكان اسْتَرْسَلَ بإرْسالِ صاحِبِه، فهو له؛ لأنَّه آكَدُ مِن الشَّبَكَةِ؛ لأنَّه حَيَوانٌ يَحْصُلُ بِفِعْلِه، وقَصْدِه، وإرْسالِ صاحِبِه، فهو كسَهْمِه، ولأنَّ اللهَ تعالى قال: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} (١٤). وإنِ اسْتَرْسَلَ بِنَفْسِه، فَحُكْمُه حُكْمُ الصَّيْدِ الحاصِلِ فى أرْضِ إنْسانٍ، فى أنَّه لا يَمْلِكُه، وليس لغيرِه أخْذُه، فإنْ أخَذَه غيرُه مَلَكَه، كالكَلَأِ. وكذلك ما يَحْصُلُ فى بَهِيمةِ إنْسانٍ من الحَشِيشِ فى المَرْعَى.

٧٥٨ - مسألة؛ قال: (والوَكِيلُ إذا خالَفَ فَهُوَ ضَامِنٌ، إلَّا أنْ يَرْضىَ الْآمِرُ، فيَلْزَمُهُ)

وجُمْلَةُ ذلك، أنَّ الوَكِيلَ إذا خالَفَ مُوَكِّلَه، فاشْتَرَى غيرَ ما أمَرَه بِشِرائه، أو باعَ ما لم يُؤْذَنْ له فى بَيْعِهِ، أو اشْتَرَى غيرَ ما عُيِّنَ له، فَعَلَيه ضَمانُ ما فَوَّتَ على المالِكِ، أو تَلِفَ؛ لأنَّه خَرَجَ عن حالِ الأمانةِ، وصارَ بمَنْزِلَةِ الغاصِبِ، فأمَّا قولُه: "إلَّا أنْ يَرْضَى الآمِرُ، فيَلْزَمُه". يَعْنِى إذا اشْتَرَى غيرَ ما أُمِرَ بِشِرائِه، بِثَمَنٍ فى ذِمَّتِه، فإنَّ الشِّراءَ صَحِيحٌ، ويَقِفُ على إجازَةِ المُوَكِّلِ، فإنْ أجازَه لَزِمَه، وعليه الثَّمَنُ،


(١٤) سورة المائدة ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>