للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بها أكْثَرَ، فإن اسْتَوَيَا فمِن التى مَالُه بها أَكْثَرُ، فإن اسْتَوَيَا فمِن التى يَنْوِى الإقَامَةَ بها أكْثَرَ، فإن اسْتَوَيَا فلَه [حُكْمُ الْقَرْيَةِ] (٣٠) التى أحْرَمَ منها. وقد ذَكَرْنَا الدَّلِيلَ لما قُلْنَاهُ.

فصل: فإذا دَخَلَ الآفَاقِىُّ مَكَّةَ، مُتَمَتِّعًا نَاوِيًا لِلْإِقامَةِ بها بعد تَمَتُّعِه، فعليه دَمُ المُتْعَةِ. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ على هذا كُلُّ مَن نَحْفَظُ عنه من أهْلِ العِلْمِ. ولو كان الرَّجُلُ مَنْشَأُهُ ومَوْلِدُه مَكَّةُ (٣١)، فَخَرجَ عنها مُتَنَقِّلًا مُقِيمًا بغيرِها، ثم عادَ إليها مُتَمَتِّعًا نَاوِيًا لِلإقامَةِ بها، أو غيرَ نَاوٍ لذلك، فعليه دَمُ المُتْعَةِ؛ لأنَّه خرج بِالانْتِقَالِ عنها عن أن يكونَ من أهْلِها. وبذلك قال مَالِكٌ، والشَّافِعِىُّ، وإسحاقُ؛ وذلك لأنَّ حُضُورَ المسجدِ الحَرامِ إنَّما يَحْصُلُ بِنِيَّةِ الإقامَةِ وفِعْلِها، وهذا إنَّما نَوَى الإقامَةَ إذا فَرَغَ من أفْعَالِ الحَجِّ؛ لأنَّه إذا فَرَغَ مِن عُمْرَتِه، فهو نَاوٍ لِلْخُرُوجِ إلى الحَجِّ، فكأنَّه إنَّما نَوَى أن يُقِيمَ بعدَ أن يَجِبَ عليه الدَّمُ. فأمَّا إن خرج المَكِّىُّ مُسَافِرًا غيرَ مُتَنَقِّلٍ، ثم عَادَ فَاعْتَمَرَ من المِيقَاتِ، أو قَصَّرَ وحَجَّ من عَامِه، فلا دَمَ عليه؛ لأنَّه لم يَخْرُجْ بهذا السَّفَرِ عن كَوْنِ أَهْلِه من حَاضِرِى المسجِدِ الحَرامِ.

فصل: وهذا الشَّرْطُ شَرْطٌ (٣٢) لِوُجُوبِ الدَّمِ عليه، وليس بِشَرْطٍ لِكَوْنِه مُتَمَتِّعًا؛ فإنَّ مُتْعَةَ المَكِّىِّ صَحِيحَةٌ؛ لأنَّ التمتُّعَ أحَدُ الأنْساكِ الثَّلاثَةِ، فصَحَّ من المَكِّىِّ، كَالنُّسُكَيْنِ الآخَرَيْنِ. ولأنَّ حَقِيقَةَ التمتُّعِ هو أن يَعْتَمِرَ فى أَشْهُرِ الحَجِّ، ثم يَحُجَّ من عَامِه. وهذا مَوْجُودٌ فى المَكِّىِّ. وقد نُقِلَ عن أحمدَ: ليس على أهْلِ مَكَّةَ مُتْعَةٌ. ومَعْنَاهُ ليسَ عليهم دَمُ مُتْعَةٍ (٣٣)؛ لأنَّ المُتْعَةَ له لا عليه، فيَتَعَيَّنُ حَمْلُه على ما ذَكَرْنَاهُ.


(٣٠) فى ب، م: "حكم للقرية".
(٣١) فى ب، م: "بمكة".
(٣٢) سقط من: أ، ب، م.
(٣٣) فى أ، ب، م: "المتعة".

<<  <  ج: ص:  >  >>