للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلِكَ أنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} (١٩) ". رَوَاه أبو دَاوُدَ (٢٠).

فصل: ولِلْبَعِيدِ أن يَذْكُرَ اللهَ تعالى، ويَقْرَأَ القُرْآنَ، ويُصَلِّىَ على النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا يَرْفَعُ صَوْتَه، قال أحمدُ: لا بَأْسَ أن يُصَلِّىَ على النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِيما بينه وبينَ نَفْسِه. ورَخَّصَ له في القِرَاءَةِ والذِّكْرِ عَطَاءٌ، وسَعِيدُ بن جُبَيْرٍ، والنَّخَعِىُّ، والشَّافِعِىُّ. ليس له أن يَرْفَعَ صَوْتَه، ولا يُذَاكِرَ في الفِقْهِ، ولا يُصَلِّىَ، ولا يَجْلِسَ في حَلْقَةٍ. وذَكَرَ ابنُ عَقِيلٍ أنَّ له المُذَاكَرَةَ في الفِقْهِ، وصلاةَ النَّافِلَةِ. ولَنا، عُمُومُ ما رَوَيْنَاهُ، وأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نَهَى عن الحِلَقِ يَوْمَ الجُمُعَةِ قبلَ الصلاةِ. رَوَاه أبُو دَاوُدَ (٢١) ولأنَّه إذا رَفَعَ صَوْتَه مَنَعَ مَن هو أقْرَبُ منه مِن السَّمَاعِ، فيكونُ مُؤْذِيًا له، فيكونُ عليه إثْمُ مَن آذَى المُسْلِمِينَ، وصَدَّ عن ذِكْرِ اللهِ تعالى. وإذا ذَكَرَ اللهَ فيما بينه وبين نَفْسِه، مِن غير أن يُسْمِعَ أحدًا، فلا بَأْسَ. وهل ذلك أفْضَلُ أو الإِنْصاتُ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ: أحدُهما، الإِنْصَاتُ أفْضَلُ؛ لِحَدِيثِ عبدِ اللهِ بن عَمْرٍو، وقَوْلِ عثمانَ. والثاني، الذِّكْرُ أفْضَلُ؛ لأنَّه يَحْصُلُ له ثَوَابُه مِن غير ضَرَرٍ، فكان أفْضَلَ، كما قبلَ الخُطْبَةِ.

فصل: ولا يَحْرُمُ الكلامُ على الخَطِيبِ، ولا على مَن سَأَلَه الخَطِيبُ؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- سَأَلَ سُلَيْكًا الدَّاخِلَ وهو يَخْطُبُ: "أَصَلَّيْتَ؟ " قال: لا (٢٢). وعن ابنِ عمرَ، أنَّ عمرَ بَيْنَا هو يَخْطُبُ يَوْمَ الجُمُعَةِ، إذْ دَخَلَ رَجُلٌ من أصْحابِ رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فنادَاهُ عمرُ: أيَّة ساعَةٍ هذه؟ قال: إنِّي شُغِلْتُ اليَوْمَ، فلم


(١٩) سورة الأنعام ١٦٠.
(٢٠) باب الكلام والإِمام يخطب، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود ١/ ٢٥٥. كما أخرجه الإِمام أحمد، في: المسند ٢/ ١٨١, ٢١٤.
(٢١) في باب التحلق يوم الجمعة قبل الصلاة، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود ١/ ٢٤٨. كما أخرجه الإِمام أحمد، في: المسند ٢/ ١٧٩.
(٢٢) تخريجه في صفحة ١٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>