للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّوْرِىُّ، وأبو حنيفةَ: لا تصِيرُ فِراشًا، ولا يَلْحَقُه ولدُها، إلَّا أَنْ يُقِرَّ بولدِها، فيَلْحَقَه أوْلادُها بعدَ ذلك. ولَنا، ما ذَكَرْناه، وقولُ عمرَ المُوَافِقُ للسُّنَّةِ أوْلَى من قولِه فيما خالَفَها.

فصل: وإن اعْتَرَفَ بوَطْءِ أَمَتِه فى الدُّبُرِ، أو دُونَ الفَرْجِ، فقد رُوِىَ عن أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنَّه يَلْحَقُه ولدُها، وتَصِيرُ فِراشًا بهذا. وهو أحَدُ الوَجْهَيْن لأَصْحابِ الشافِعِىِّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه. ولأَنَّه قد يُجامِعُ، فيَسْبِقُ الماءُ إلى الفَرْجِ. والصَّحِيحُ فى هذا، إِنْ شاءَ اللَّهُ تعالَى، أنَّها لا تَصِيرُ به (٣٦) فِراشًا؛ لأَنَّه ليس بمَنْصُوصٍ عليه، ولا [هو فى] (٣٧) مَعْنَى المُنْصوص، ولا يَثْبُتُ الحكمُ إلَّا بدليلِ، ولا ينْتَقِلُ عن الأَصْلِ إِلَّا بناقِلٍ عنه. إذا ثَبَتَ هذا، فكُلَّ مَوْضِع لَحِقَه الولدُ مِن أمَتِه، إذا حَمَلَت به (٣٨) فى مِلْكِه، فالولدُ حُرُّ الأَصْلِ، لا وَلاءَ عليه، وتَصِيرُ به الأمَةُ أُمَّ وَلَدٍ.

٢٠١٢ - مسألة؛ قال: (وأَحْكَامُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ، أَحْكَامُ الْإِمَاءِ، فِى جَمِيعِ أُمُورِهِنَّ، إِلَّا أنَّهُنَّ لَا يُبعْنَ)

وجملةُ ذلك أَنَّ الأمَةَ إذا حَمَلَت مِن سَيِّدِها، ووَلَدَتْ منه، ثَبَتَ لها حُكْمُ الاسْتِيلادِ، وحُكْمُها حكمُ الإِماءِ، فى حِلِّ وطئِها لسَيِّدِها، واسْتِخْدامِها، ومِلْكِ كَسْبها، وَتَزْوِيجِها، وإجارَتِها، وعِتْقِها، وتَكْليفِها، وحَدِّها، وعَوْرَتِها. وهذا قولُ أكثَرِ أهلِ العلمِ وحُكِىَ عن مالِكٍ، أنَّه لا يَمْلِكُ إجارَتَها وتَزْوِيجَها؛ لأَنَّه لا يَمْلِكُ بَيْعَها، فلا يَمْلِكُ تَزْويجَها وإجازتّها، كالحُرَّةِ. ولَنا، أنَّها مَمْلوكَةٌ يُنْتَفَعُ بها، فيَمْلِكُ سيِّدُها تَزْوِيجَها، وإجارَتَها، كالمُدَبَّرةِ، ولأنَّها مَمْلُوكَة تَعْتِقُ بمَوْتِ سَيِّدِها، فأشْبَهَت المُدَبَّرةَ، وإنَّما مُنِعَ بَيْعُها؛ لأَنَّها اسْتَحَقَّتْ أَنْ تَعْتِقَ بمَوْتِه، وبَيْعُها يَمْنَعُ ذلك، بخلافِ التَزويجِ والإِجارَةِ. ويبْطُلُ دليلُهم بالمَوْقُوفَةِ والمُدَبَّرةِ عندَ مَنْ مَنَعَ بَيْعَها. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّها تُخالِفُ الأمَةَ القِنَّ، فى أنَّها تَعْتِقُ بمَوْتِ سيِّدِها مِن رأسِ المالِ، ولا يجوزُ بَيْعُها، ولا


(٣٦) فى ب، م: "بهذا".
(٣٧) سقط من: الأصل، أ.
(٣٨) سقط من: ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>