للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والزُّهْرىِّ، وأبى الزِّنادِ، والثَّوْرِىِّ، وأبى عُبَيْدٍ، وأهلِ العِرَاقِ؛ لأنَّ الاعْتِدادَ بالأشْهُرِ جُعِلَ بعدَ الإِياسِ، فلم يَجُزْ قبلَه، وهذه ليستْ آيِسةً، ولأنَّها تَرْجُو عَوْدَ الدَّمِ، فلم تَعْتَدَّ بالشُّهورِ، كما لو تباعَدَ حَيْضُها لعارِضٍ. ولَنا، الإِجماعُ الذى حَكاه الشافعىُّ، ولأنَّ الغَرَضَ بالاعْتِدادِ معرفةُ بَراءةِ رَحِمِها، وهذا تَحْصُلُ به بَراءةُ رَحِمِها، فاكْتُفِىَ به، ولهذا اكْتُفِىَ فى حَقِّ ذات القُرْءِ بثلاثةِ قُرُوءٍ، وفى حقِّ الآيسةِ بثلاثةِ أشْهُرٍ، ولو رُوعِىَ اليقينُ، لاعْتُبِرَ أقْصَى مُدَّةِ الحَمْلِ، ولأنَّ عليها فى تَطْوِيلِ العِدّةِ ضَرَرًا، فإنَّها تُمْنَعُ من الأَزْواجِ، وتُحْبَسُ دائمًا، ويتَضَرّرُ الزَّوْجُ بإيجابِ السُّكْنَى والنَّفَقةِ عليه. وقد قال ابن عبَّاسٍ: لا تُطَوِّلُوا عليها الشُّقَّةَ، كَفَاها تِسْعةُ أشْهُرٍ. فإن قيل: فإذا مَضَتْ تسعةُ أشهرٍ، فقد عُلِمَ بَراءةُ رَحِمِها ظاهرًا، فلم اعْتَبَرْتُم ثلاثةَ أشْهُرٍ بعدَها؟ قُلْنا: الاعْتِدادُ بالقُرُوءِ والأشْهُرِ إنَّما يكونُ عند عَدَمِ الحَمْلِ، وقد تَجِبُ العِدّةُ مع العِلْمِ ببَراءةِ الرَّحِمِ، بدليلِ ما لو عَلَّقَ طلاقَها بوَضْعِ الحَمْلِ، فوَضَعَتْه، وَقَعَ الطَّلاقُ، ولَزِمَتْها العِدَّةُ.

فصل: فإنْ عاد الحيضُ إليها فى السَّنةِ، ولو فى آخِرِها، لَزِمَها الانْتِقالُ إلى القُرُوءِ؛ لأنَّها الأصلُ، فبَطَلَ بها حكمُ البَدَلِ. وإن عادَ بعدَ مُضِيِّها ونِكاحِها، لم تَعُدْ إلى القُرُوءِ؛ لأنَّ عِدَّتَها انْقَضَتْ، وحَكَمْنا بصِحَّةِ نِكاحِها، فلم تَبْطُلْ، كما لو اعْتَدَّتْ الصَّغِيرةُ بثَلاثةِ أشْهُرٍ، وتزَوَّجَتْ، ثم حاضَتْ. وإن حاضتْ بعدَ السَّنَةِ، وقبلَ نِكاحِها، ففيه وَجْهان؛ أحدهما، لا تَعُودُ؛ لأنَّ العِدَّةَ انْقَضتْ بالشُّهورِ، فلم تَعُدْ، كالصَّغيرةِ. والثانى، تعودُ؛ لأنَّها (٢) من ذَواتِ القُرُوءِ، وقد قَدَرَتْ على المُبْدَلِ قبلَ تَعَلُّقِ حَقِّ زَوْجٍ بها، فلَزِمَها العَوْدُ، كما لو حاضَتْ فى السَّنَةِ.

١٣٤٦ - مسألة؛ قال: (وَإنْ كَانَتْ أَمَةً، اعْتَدَّتْ بِأحَدَ عَشَرَ شَهْرًا، تِسْعَةُ أَشْهُرٍ لِلْحَمْلِ، وشَهْرَانِ لِلْعِدَّةِ)


(٢) سقط من: ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>