للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا بيعَ بعضُها، وجبَتِ الشُّفْعةُ لمالكِ البعضِ الباقى، والشُّفْعةُ كالقِسْمةِ؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما يُرَادُ لإِزالةِ ضَررِ الشَّرِكَةِ، ونُقْصانِ التَّصَرُّفِ، فما لا تَجِبُ قِسْمتُه، لا تَجِبُ الشُّفْعَةُ فيه، فكذلك ما لا شُفْعَةَ فيه، لا تجِبُ قِسْمتُه، وعكسُ هذا ما تجِبُ قِسْمتُه، تَجِبُ فيه الشُّفْعةُ، وما تَجبُ الشُّفْعَةُ فيه، تَجِبُ قِسْمتُه. ولأنَّه لو بَدَا الصَّلاحُ فى بعضِ البُسْتانِ، كان صلاحًا لباقِيه وإن كان كبيرًا. ولم يكُنْ صَلاحًا لما جاوَرَه (٥٦) وإن كان صغيرًا.

فصل: وإذا (٥٧) كان فى الأرضِ زرْعٌ، فطلَبَ أحدُهما قِسْمتَها دونَ الزَّرعِ، أُجْبِرَ المُمْتنِعُ؛ لأنَّ الزَّرْعَ فى الأرضِ كالقُماشِ فى الدَّارِ، فلم يَمْنَعِ القِسْمةَ، كالقُماشِ، وسواءٌ خرَجَ الزَّرْعُ، أو كان بَذْرًا لم يَخْرُجْ، فإذا قَسَماها، بَقِىَ الزَّرْعُ بينهما مُشْتَركًا، كما لو باعَا الأرْضَ لغيرِهما. وإن طلبَ أحدُهما قِسْمةَ الزَّرْعِ مُنْفرِدًا، لم يُجْبَرِ الآخَرُ عليه؛ لأنَّ القِسْمةَ لا بُدَّ فيها من تَعْديلِ المقْسُومِ، وتَعْدِيلُ الزَّرْعِ بالسِّهام لا يُمْكنُ؛ لأنَّه يُشْتَرطُ بَقاؤُه فى الأرضِ المُشْترَكةِ. وإن طلبَ قِسْمتَها مع الزَّرْعِ، وكَان قد خَرَجَ، جاز، وأُجْبِرَ المُمْتنِعُ عليه، سَواءٌ كان قَصِيلًا (٥٨)، أو قد (٥٩) اشْتَدَّ الحَبُّ فيه؛ لأنَّ الزَّرْعَ كالشجرِ فى الأرْضِ، والقِسمَةَ إفْرازُ (٦٠) حقٍّ، وليست بَيْعًا. وإن قُلْنا: هى بَيْعٌ. لم يَجُزْ (٦١) إذا اشْتدَّ الحَبُّ؛ لأنَّه يتضمَّنُ بَيْعَ السُّنْبُلِ بعضِه ببعضٍ. ويَحْتَمِلُ الجَوازَ؛ لأنَّ السَّنابِلَ هاهُنا دخلَتْ تَبعًا للأرْضِ، فليْسَتِ المقْصودَ، فأشْبَهَ بَيْعَ النَّخْلةِ المُثْمِرةِ بمِثْلِها. وقال الشافعىُّ: لا يُجْبَرُ المُمْتنِعُ مِن قِسْمَتِها مع الزَّرْعِ؛ لأنَّ الزَّرْعَ مُودَعٌ فى الأرضِ للنَّقْلِ عنها، فلم تجِبْ قِسْمتُه معها، كالقُماشِ فيها. ولَنا، أنَّه ثابتٌ فيها للنَّماءِ والنَّفْعِ، فأشْبَهَ الغِراسَ، وفارَقَ القُماشَ، فإنَّه غيرُ مَتَّصلٍ بالدَّارِ، ولا ضررَ عليه فى نَقْلِه. وإن كان


(٥٦) فى ب، م: "جاوزه".
(٥٧) فى م: "وإن".
(٥٨) القصيل: ما يقتصل أى يؤخذ من الزرع وهو أخضر.
(٥٩) سقط من: ب، م.
(٦٠) فى الأصل: "إقرار".
(٦١) فى ب، م: "يجبر".

<<  <  ج: ص:  >  >>