للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السُّوقِ مع تَلَفِ العَيْنِ مَضْمُونَةٌ، ويَدُ العَبْدِ كَنِصْفِه، فكأنَّه بِقَطْعِ يَدِه فَوَّتَ نِصْفَه. وإن نَقَصَ أَلْفًا وَخَمْسَمائة، وقُلْنا: الواجِبُ ما نَقَصَ. فعليه أَلْفٌ وخَمْسُمائة، ويَرُدُّ العَبْدَ. وإن قُلْنا: ضَمَانُ الجِنَايَةِ. فعليه أَلْفٌ، وَرَدُّ العَبْدِ فحَسْبُ. وإن نَقَصَ خَمْسَمائة، فعليه رَدُّ العَبْدِ، وهل يَلْزَمُه أَلْفٌ أو خَمْسُمائة؟ على وَجْهَيْنِ.

فصل: وإن غَصَبَ عَبْدًا، فقَطَعَ آخَرُ يَدَهُ، فلِلْمالِكِ تَضْمِينُ أيِّهما شَاءَ؛ لأنَّ الجَانِىَ قَطَعَ يَدَهُ، والغاصِبُ حَصَلَ النَّقْصُ في يَدِه، إن ضَمَّنَ الجانِىَ، فله تَضْمِينُه نِصْفَ قيمَتِه لا غيرُ، ولا يَرْجِعُ على أحَدٍ؛ لأنَّه لم يُضَمِّنْه أكْثَرَ ممَّا وَجَبَ عليه. ويَضْمَنُ الغاصِبُ ما زَادَ على نِصْفِ القِيمَةِ إن نَقَصَ أكْثَرُ من النِّصْفِ، ولا يَرْجِعُ على أحَدٍ. وإن قُلْنا: إنَّ ضَمَانَ الغَصْبِ ضَمَانُ الجِنَايَةِ، أو لم يَنْقُصْ أكْثَرُ من نِصْفِ قِيمَتِه. لم يَضْمَنِ الغاصِبُ ههُنا شَيْئًا. وإن اخْتَارَ تَضْمِينَ الغاصِبِ، وقُلْنا: إن ضَمَانَ الغَصْبِ كضَمَانِ الجِنَايَةِ. ضَمَّنَه نِصْفَ القِيمَةِ، ورَجَعَ بها الغاصِبُ على الجانِى؛ لأنَّ التَّلَفَ حَصَلَ بِفِعْلِه فاسْتَقَرَّ الضَّمَانُ عليه. وإن قُلْنا: إن ضَمَانَ الغَصْبِ بما نَقَصَ. فَلِرَبِّ العَبْدِ تَضْمِينُه بأَكْثَرِ الأَمْرَيْنِ؛ لأنَّ ما وُجِدَ في يَدِه فهو في حُكْمِ المَوْجُودِ منه، ثم يَرْجِعُ الغاصِبُ على الجانِى بِنِصْفِ القِيمَةِ؛ لأنَّها أَرْشُ جِنايَتِه (٣١)، فلا يَجِبُ عليه أكْثَرُ منها.

فصل: وإن غَصَبَ (٣٢) عَبْدًا، فقَطَعَ أُذُنَيْهِ، أو يَدَيْهِ، أو ذَكَرَهُ، أو أَنْفَهُ، أو لِسَانَه أو خُصْيَتَيْه، لَزِمَتْهُ قِيمَتُه (٣٣) كلُّها، ورَدُّ العَبْدِ. نَصَّ عليه أحمدُ. وبهذا قال مالِكٌ، والشّافِعِىُّ. وقال أبو حنيفةَ والثَّوْرِيُّ: يُخَيَّرُ المالِكُ بين أن يَصْبِرَ ولا شَىْءَ له، وبين أَخْذِ قِيمَتِه ويَمْلِكُه الجانِى؛ لأنَّه ضَمَانُ مالٍ، فلا يَبْقَى مِلْكُ صَاحِبِه عليه مع ضَمَانِه له، كسَائِر الأَمْوَالِ. ولَنا، أنَّ المُتْلَفَ البَعْضُ، فلا يَقِفُ ضَمَانُه على زَوَالِ


(٣١) في ب، م: "جناية".
(٣٢) في ب زيادة: "قيمة".
(٣٣) سقط من: ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>