للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَفْسِه أو أَهْلِه أو مالِه، فأقامَ فى طَلَبِ النُّقْلَةِ، أو انْتظارًا لزَوالِ المانِعِ منها، أو خرجَ طالبًا للنُّقْلَةِ فتَعَذَّرَت عليه؛ إمَّا لكَوْنِه لم يجِدْ مَسْكَنًا يتحَوَّلُ إليه، لتَعَذُّرِ الكِراءِ أو غيرِه (١٣)، أو لم يَجِدْ بَهائِمَ يَنْتَقِلُ عليها، ولا يُمْكِنُه النُّقْلَةُ بدونِها، فأقامَ ناوِيًا للنُّقْلَةِ متى قَدَرَ عليها، لم يَحْنَثْ، وإِنْ أقامَ أيَّامًا ولَيالِىَ؛ لأَنَّ إقامَتَه عن غيرِ اخْتِيارٍ منه، لعَدَمِ تَمَكُّنِه من النُّقْلَةِ، فإنَّه إذا لم يَجِدْ مَسْكنًا لا يُمْكِنُه تَرْكُ أهْلِه، وإلْقاءُ مَتاعِه فى الطريقِ، فلم يَحْنَثْ به، كالمُقيم للإِكْراهِ. وإِنْ أقامَ فى هذا الوَقْتِ، غيرَ نَاوٍ للنُّقْلَةِ، حَنِثَ، ويكونُ نَقْلُه لما (١٤) يحْتاجُ إلى نَقْلِهِ، على ما جَرَت به العادَةُ، فلو كان ذا مَتاعٍ كثيرٍ، فنَقَلَه قليلًا قليلًا على العادَةِ، بحيث لا يَتْرُكُ النَّقْلَ المُعْتادَ، لم يَحْنَثْ وإِنْ أَقامَ أيَّامًا، ولا يَلْزَمُه جَمْعُ دوابِّ البلَدِ لنَقْلِهِ، ولا النَّقْلُ باللَّيْلِ، ولا وقتَ الاسْتِراحَةِ عنَد التَّعَبِ، ولا أوقاتِ الصَّلواتِ؛ لأَنَّ العادَةَ لم تَجْرِ بالنَّقْلِ فيها، ولو وهَب (١٥) رَحْلَه أو أَوْدَعَه أو أعارَهُ وخَرَجَ، لم يَحْنَثْ، لأَنَّ يَدَهَ زالَتْ عن الْمَتاعِ. وإِنْ تَرَدَّدَ إلى الدَّارِ لِنَقْلِ المتَاعِ، أو عائِدًا لمريضٍ، أو زائِرًا لصديقٍ، لم يَحْنَثْ. وقال القاضِى: إِنْ دَخَلَها ومن رَأْيِه الجلوسُ عِنْدَه، حَنِثَ، وإلَّا فَلا. ولَنا، أَنَّ هذا ليس بِسُكْنَى، ولذلك لو حَلَفَ ليَسْكُنَنَّ دارًا، لم يَبَرَّ بالجلوسِ فيها (١٦) على هذا الوَجْهِ، ولا (١٧) يُسَمَّى ساكِنًا به بهذا العُذْرِ، فلم يَحْنَثْ به، كما لو لم يَنْوِ الجُلوسَ. وإِنْ كان له فى الدَّارِ امْرَأَةٌ أو عائِلَةٌ، فأرادَهُم على الخروجِ مَعَه، والانْتِقالِ عنها، فأَبَوا، ولم يُمْكِنْه إخْراجُهم، فخرَجَ وتَرَكَهُم، لم يَحْنَثْ؛ لأَنَّ هذا مما لم (١٨) يُمْكِنْه، فأشْبَهَ ما لم يُمْكِنْه نَقْلُه من رَحْلِه.

فصل: وإِنْ حَلَفَ لا يُساكِنُ فلانًا، فالحُكْمُ فى الاسْتِدامَةِ على ما ذَكَرْنا فى الحَلِفِ على السُّكْنَى. وإن انْتَقَلَ أحَدُهما، وبَقِىَ الآخَرُ، لم يَحْنَثْ؛ لزَوالِ المُساكَنَةِ. وإِنْ


(١٣) فى الأصل: "لغيره".
(١٤) فى الأصل: "إلى ما".
(١٥) فى م: "ذهب" تحريف.
(١٦) فى م زيادة: "لأنه".
(١٧) سقطت الواو من: م.
(١٨) فى م: "لا".

<<  <  ج: ص:  >  >>