للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: ومَهْمَا قَرَأَ به جازَ سَوَاءٌ كانت القِراءَةُ طَوِيلَةً أو قَصِيرَةً. وقد رُوِىَ عن عائشة، أنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يُصَلِّى في كُسُوفِ الشَّمْسِ والقَمَرِ أرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وأرْبَعَ سَجَدَاتٍ، وقَرَأَ في الأُولَى بالعَنْكَبُوتِ والرُّومِ، وفى الثَّانِيَةِ بيس. أخْرَجَه الدَّارَقُطْنِىُّ (٢١).

فصل: ولم يَبْلُغْنَا عن أحمدَ، رَحِمَهُ اللهُ أنَّ لها خُطْبَةً، وأصْحابُنا على أنَّها لا خُطْبَةَ لها. وهذا مذهبُ مالِكٍ، وأصْحَابِ الرَّأْىِ. وقال الشَّافِعِىُّ: يَخْطُبُ كَخُطْبَتَىِ الجُمُعَةِ؛ لما رَوَتْ عائشةُ، رَضِىَ اللهُ عنها، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- انْصَرَفَ وقد انْجَلَتِ الشَّمْسُ، فخَطَبَ النَّاسَ، وحَمِدَ اللهَ، وأثْنَى عليه، ثم قال: "إنَّ الشَّمْسَ والقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ، لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أحَدٍ ولَا لِحَيَاتِه، فَإذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَادْعُوا اللهَ، وكَبِّرُوا، وصَلُّوا، وتَصَدَّقُوا" ثم قال: "يا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، واللهِ مَا أحَدٌ أغْيَرُ مِنَ اللهِ أن يَزْنِىَ عَبْدُهُ أو تَزْنِىَ أَمَتُهُ، يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ لو تَعْلَمُونَ ما أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا ولبَكَيْتُمْ كَثِيرًا". مُتَّفَقٌ عليه (٢٢). ولنَا، هذا الخَبَرُ، فإن النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَمَرَهم بالصَّلَاةِ والدُّعَاءِ والتَّكْبِيرِ والصَّدَقَةِ، ولم يَأْمُرْهم بخُطْبَةٍ، ولو كانت سُنَّةً لأمَرَهم بها، ولأنَّها صلاةٌ يَفْعَلُها المُنْفَرِدُ في بَيْتِه، فلم يُشْرَعْ لها خُطْبَةٌ، وإنَّما خَطَبَ النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بعدَ الصلاةِ لِيُعَلِّمَهُمْ حُكْمَها، وهذا مُخْتَصٌّ به، وليس في الخَبَرِ ما يَدُلُّ على أنَّه خَطَبَ كخُطْبَتَىِ الجُمُعَةِ.

فصل: ويُسْتَحَبُّ ذِكْرُ اللَّه تعالى، والدُّعَاءُ، والتَّكْبِيرُ، والاسْتِغْفارُ،


(٢١) في: باب صفة الخسوف والكسوف وهيئتها، من كتاب الكسوف. سنن الدارقطني ٢/ ٩٤.
(٢٢) أخرجه البخاري، في: باب الصدقة في الكسوف، من كتاب الكسوف. صحيح البخاري ٢/ ٤٢، ٤٣. ومسلم، في: باب صلاة الكسوف، من كتاب الكسوف. صحيح مسلم ٢/ ٦١٨. كما أخرجه النسائي، في: باب كيف الخطبة في الكسوف، من كتاب الكسوف. المجتبى ٣/ ١٢٣. والإِمام مالك، في: باب العمل في صلاة الكسوف، من كتاب صلاة الكسوف. الموطأ ١/ ١٨٦. والإِمام أحمد، في: المسند ٢/ ١٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>