للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-صلى اللَّه عليه وسلم- الذي عَلَّمَهُ أصحابَه وأخَذُوا به. وأمَّا حديثُ ابْنِ عبَّاسٍ فانْفَرَدَ به، واخْتَلَفَ (٣) عنه في بعضِ ألْفاظِهِ، ففى رِوَايَةِ مُسْلِمٍ أنَّه قال: "وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسُولُهُ". كَرِوَايَةِ ابْنِ مسعودٍ. ثم رِوَايةُ ابْنِ مسعودٍ أصَحُّ إسْنَادًا، وأكثَرُ رُوَاةً، وقد اتَّفَقَ على روَايَتِه جماعةٌ مِن الصحابَةِ فيكونُ أوْلَى، ثم هو مُتَضَمِّنٌ للزِّيَادَةِ، وفيه العَطْفُ بواو العَطْفِ، وهو أَشْهَرُ في كلامِ العربِ، وفيه السلامُ بالألفِ واللَّامِ، وهما للاسْتِغْرَاقِ. وقال عبدُ الرحمنِ بنُ الأسودِ، عن أبيه، قال: حَدَّثَنَا عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَّمَهُ التَّشَهُّدَ في الصَّلَاةِ، قالَ: وكنَّا نَتَحَفَّظُهُ عن عبدِ اللهِ كما نَتَحَفَّظُ حُرُوفَ القُرْآنِ الواوَ والألفَ (٤). وهذا يَدُلُّ على ضَبْطِهِ، فكان أوْلَى.

فصل: وبأىِّ تَشَهُّدٍ تَشَهَّدَ ممَّا صَحَّ عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- جازَ. نَصَّ عليه أحمدُ، فقال: تَشَهُّدُ عبدِ اللهِ أَعْجَبُ إلىَّ، وإنْ تَشَهَّدَ بغيرِهِ فهو جائِزٌ؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لَمَّا علَّمَهُ الصحابةَ مُخْتَلِفا دَلَّ على جوازِ الجَمِيعِ، كالقِرَاآتِ المُخْتَلِفَةِ التي اشْتَمَلَ عليها المُصْحَفُ. قال القاضي: وهذا يَدُلُّ على أنَّه إذا أسْقَطَ لَفْظَةً هي ساقِطَةٌ في بعضِ التَّشَهُّدَاتِ المَرْوِيَّةِ صَحَّ تَشَهُّدُهُ، فعلى هذا يَجُوزُ أنْ يُقَالَ: أَقَلُّ مَا يُجْزِىءُ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أيُّهَا النَّبِىُّ ورَحْمَةُ اللهِ، السَّلَامُ علينا وعلى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، أشْهَدُ أنْ لَا إلهَ إلَّا اللهُ [وأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا] (٥) عبدُهُ [ورسولُهُ، أَوْ أنَّ مُحَمَّدًا] (٦) [رَسُولُ اللهِ] (٧). وقد قال أحمدُ في رِوَايَةِ أبي دَاوُد: إذا قال: "وأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسُولُهُ". ولم يَذْكُرْ "وأشْهَدُ" أَرْجُو أَنْ يُجْزِئَهُ. قال


(٣) أي: النقلُ.
(٤) انظر: المسند ١/ ٣٩٤، مع ما تقدم في تخريج حديث ابن مسعود.
(٥) في الأصل: "وأن محمدا".
(٦) سقط من: الأصل.
(٧) في الأصل: "ورسول اللَّه".

<<  <  ج: ص:  >  >>