للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (٣٤). وليس الإِضْرَارُ مِن المُعاشَرَةِ بِالمَعْرُوفِ.

١٣٠٠ - مسألة؛ قال: (وَالفَيْئَةُ: الجِماعُ)

ليس فى هذا اختلافٌ بحمدِ اللَّهِ. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ كلُّ مَنْ نَحْفَظُ عنه من أهلِ العلمِ، على أَنَّ الفَىْءَ الجماعُ. كذلك قال ابنُ عَبَّاسٍ. ورُوِىَ ذلكَ عن علىٍّ، وابنِ مسعودٍ. وبه قال مَسْرُوقٌ، وعَطاءٌ، والشَّعْبِىُّ، والنَّخَعِىُّ، وسعيدُ بنُ جُبَيْرٍ، والثَّوْرِىُّ، والأوْزَاعِىُّ، والشَّافِعِىُّ، وأبو عُبَيْدَةَ، وأصحابُ الرَّأْىِ، إذا لم يكُنْ عُذْرٌ. وأصلُ الفَىْءِ الرُّجُوعُ، ولذلك يُسَمَّى الظِّلُّ بعدَ الزَّوالِ فَيْئًا؛ لأنَّه رَجَعَ مِنَ المَغْرِب إلى المشْرِق، فسُمِّىَ الجِماعُ من المُولِى فَيْئَةً؛ لأنَّه رُجُوعٌ (١) إلى فِعْلِ ما تَرَكَه. وَأَدْنَى الوَطْءِ الَّذِى تَحْصُل به الفيئةُ، أَنْ تَغِيبَ الحَشَفَةُ فى الفَرْجِ؛ فإنَّ أحْكامَ الوَطْءِ تَتَعَلَّقُ به. ولو وَطِئَ دونَ الفَرْجِ، أو فِى الدُّبُرِ، لم يكُنْ فيئةً؛ لِأنَّه ليس بمَحْلوفٍ على تَرْكِه، ولا يزُولُ الضَّرَرُ بفِعْلِه.

فصل: وإذا فاءَ، لَزِمَتْه الكفَّارةُ، فى قولِ أكْثَرِ أهلِ العلمِ. رُوِىَ ذلك عن زيدٍ، وابنِ عباسٍ. وبه قال ابنُ سِيرِينَ، والنَّخعِىُّ، والثَّوْرِىُّ، وقَتادَةُ، ومالِكٌ، وأهلُ المدينةِ، وأبو عُبَيْدٍ، وأصحابُ الرَّأْىِ، وابنُ المُنْذِرِ. وهو ظاهِرُ مَذْهبِ الشَّافِعِىِّ. وله قولٌ آخَرُ: لا كفَّارَةَ عليه. وهو قولُ الحسنِ. وقال النَّخَعِىُّ: كانوا يقُولون ذلك؛ لِأنَّ اللَّهَ تعالى قال: {فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٢). قال قَتادَةُ: هذا خالَفَ النَّاسَ. يعنى قولَ الحسنِ. ولَنا، قولُ اللَّهِ تعالى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} الآيةَ إلى قولِه: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا


(٣٤) سورة البقرة ٢٢٩.
(١) فى م: "رجع".
(٢) سورة البقرة ٢٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>