للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلتُ لأحمدَ: فما تَرَى إن صَلَّى في رمضانَ خَلْفَ إمامٍ يُصَلِّى بهم التَّرَاوِيحَ؟ قال: يجوزُ ذلك من المَكْتُوبَةِ. وقال في رِوَايَةِ المَرُّوذِيِّ: لا يُعْجِبُنا أن يُصَلِّىَ مع قَوْمٍ التَّرَاوِيحَ، ويَأْتَمَّ بها لِلْعَتَمَةِ. وهذه فَرْعٌ على ائْتِمَامِ المُفْتَرِضِ بالمُتَنَفِّلِ، وقد مَضَى الكلامُ فيها.

فصل: فإن كانتْ إحْدَى الصَّلَاتَيْنِ تُخالِفُ الأُخْرَى في الأفْعالِ، كصلاةِ الكُسُوفِ، أو الجُمُعةِ، خَلْفَ من يُصَلِّى غَيْرَهما، وصلاةِ غَيْرِهما وَرَاءَ من يُصَلِّيهما، لم تَصِحَّ، رِوَايَةً وَاحِدَةً؛ لأنَّه يُفْضِى إلى مُخَالَفَةِ إمامِه في الأفْعالِ، وهو مَنْهِىٌّ عنه.

فصل: ومن صَلَّى الفَجْرَ، ثم شَكَّ، هل طَلَعَ الفَجْرُ أوْ لا؟ أو شَكَّ في صلاةٍ صَلَّاها، هل فَعَلَها في وَقْتِها أو قَبْلَه؟ لَزِمَتْهُ إعادَتُها، وله أن يَؤُمَّ في الإِعادَةِ مَنْ لم يُصَلِّ. وقال أَصْحَابُنا: يُخَرَّجُ على الرِّوَايَتَيْنِ في إمامةِ المُتَنَفِّلِ مُفْتَرِضًا. ولَنا، أنَّ الأصْلَ بَقاءُ الصلاةِ في ذِمَّتِه، ووُجُوبُ فِعْلِها، فَيَصحُّ أن يَؤُمَّ فيها مُفْتَرِضًا، كما لو شَكَّ. هل صَلَّى أمْ لا؟ ولو فاتَتِ المأْمُومَ رَكْعَةٌ فَصَلَّى الإِمامُ خَمْسًا سَاهِيًا، فقال ابنُ عَقِيلٍ: لا يُعْتَدُّ لِلْمَأْمُومِ بالخامِسَةِ؛ لأنَّها (٢١) سَهْوٌ وغَلَطٌ. وقال القاضي: هذه الرَّكْعَةُ نَافِلَةٌ له، وفَرْضٌ لِلْمَأْمُومِ. فيُخَرَّج فيها الرِّوَايَتَانِ. وقد سُئِلَ أحمدُ عن هذه المَسَائِل، فتَوَقَّفَ فيها. والأَوْلَى، [إن شاء اللهُ] (٢٢)، أنَّه (٢٣) يُحْتَسَبُ له بها، لأنَّه لو لم يُحْتَسَبْ له بها لَلَزِمَهُ أن يُصَلِّىَ خَمْسًا مع عِلْمِه بذلك، ولأنَّ الخَامِسَةَ وَاجِبَةٌ على الإِمامِ عندَ مَن يُوجِبُ عليه البِناءَ على اليَقِينِ، وعند اسْتِوَاءِ الأَمْرَيْنِ عندَه، ثم إن كانت نَفْلًا، فالصَّحِيحُ صِحَّةُ الائْتِمامِ به. وقولُه: إنَّه غَلَطٌ. قُلْنا: لَا يُخْرِجُه الغَلَطُ عن أنْ يكونَ نَفْلًا مُثَابًا فيه، فلذلك قال


(٢١) في م: "بأنها".
(٢٢) سقط من: ا، م.
(٢٣) في أ، م: "أن".

<<  <  ج: ص:  >  >>