للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَعْقُودَ عليه العَيْن المُشارُ إليها. وإن سَلَّمْناه، فالفَرْقُ بينهما من وَجْهَيْنِ؛ أحدهما، أنَّ ثَمَّ فاتَتِ الذاتُ، فإنَّ ذاتَ الفَرَس غيرُ ذاتِ الحِمارِ، وههُنا اخْتَلَفا فى الصِّفَاتِ. والثانى، أَنَّ البَيْعَ يُؤثِّر فيه فَوَاتُ الصِّفاتِ، بدَلِيلِ أنَّه يُرَدُّ بفَوَاتِ أىِّ شىءٍ كان فيه نَفْعٌ منها، والنكاحُ بخِلَافِه.

الفصل الثانى: أن أوْلادَه منها أحْرارٌ. بغيرِ خِلَافٍ نَعْلَمُه؛ لأنَّه اعْتَقَدَ حُرِّيَّتَها. فكان أوْلادُه (٣) أحْرارًا؛ لاعْتقادِه ما يَقْتَضِى حُرِّيَّتَهُم، كما لو اشْتَرَى أمَةً يَظُنُّها (٤) مِلْكًا لبائِعِها، فبانتْ مَغْصُوبةً بعدَ أن أوْلَدَها.

الفصل الثالث: أنَّ على الزَّوْجِ فِداءَ أوْلادِه. كذلك قَضَى عمرُ، وعلىٌّ، وابنُ عباسٍ، رضى اللَّه عنهم. وهو قولُ مالكٍ، والثَّوْرِىِّ، والشافعىِّ، وأبى ثَوْرٍ (٥)، وأصْحابِ الرَّأْىِ. وعن أحمدَ، روايةٌ أخرى، ليس عليه فِداؤُهُم؛ لأنَّ الوَلَدَ يَنْعَقِدُ حُرَّ الأصْلِ، فلم يَضْمَنْه لسَيِّدِ الأَمَةِ؛ لأنَّه لم يَمْلِكْه. وعنه أَنَّه يُقالُ له: افْتَدِ (٦) أوْلادَكَ، وإلَّا فهم يَتْبَعُونَ الأُمَّ (٧). فظاهِرُ هذا أنَّه خَيَّرَهُ بين فِدَائِهِم وبينَ تَرْكِهِم رَقِيقًا؛ لأنَّهم رَقِيقٌ بحُكْمِ الأصْلِ، فلم يَلْزَمْه فِداؤهم، كما لو وَطِئها وهو يَعْلَمُ رِقَّها. وقال الخَلّالُ: اتَّفَقَ (٨) عن أبى عبدِ اللَّه أنَّه يَفْدِى وَلَدَه. وقال إسحاقُ عنه فى موضعٍ: إنَّ الوَلَدَ له، وليس عليه أن يَفْدِيَهُم. وأحْسَبُه قولًا (٩) أوَّلَ لأبى عبدِ اللَّه. والصَّحيحُ أن عليه فِداءَهم؛ لقَضَاءِ الصَّحابةِ رَضِىَ اللَّهُ عنهم به، ولأنَّه نَماءُ الأَمَةِ المَمْلُوكةِ، فسَبِيلُه أن يكونَ مَمْلُوكا لمالِكِها. وقد فَوَّتَ رِقَّه باعْتِقادِ الحُرِّيّةِ، فلَزِمَه ضَمانُهم، كما لو فَوَّتَ رِقَّهُم بفِعْلِه.


(٣) فى الأصل، أ، ب: "ولده".
(٤) فى م: "يعتقدها".
(٥) سقط من: م.
(٦) فى م: "افد".
(٧) فى م: "أمهم".
(٨) أى النقل.
(٩) فى ب: "أنه قول".

<<  <  ج: ص:  >  >>