للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفى (١٠) فِدائِهِم ثلاثُ مَسائلَ؛ الأولَى، فى وَقْتِه، وذلك حينَ وَضْعِ الوَلَدِ. قَضَى بذلك عمرُ، وعلىٌّ، وابنُ عباسٍ، رضى اللَّه عنهم. وهو قولُ الشافعىِّ. وقال أبو ثَوْرٍ، والثَّوْرِىُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ: يَضْمَنُهُم بقِيمَتِهِم يومَ الخُصُومةِ؛ لأنَّه إنَّما يَضْمَنُهم بالمَنْعِ، ولم يَمْنَعْهُم إلَّا حالَ الخُصُومةِ. ولَنا، أنَّه مَحْكومٌ بحُرِّيَّتِه عندَ الوَضْعِ، فوَجَبَ أن يَضْمَنَه حِينَئِذٍ (١١)؛ لأنَّه فات رِقُّه من حِينئذٍ، ولأنَّ القِيمةَ التى تَزِيدُ بعدَ الوَضْعِ، لم تكُنْ مَمْلوكةً لمالِكِ الأَمَةِ، فلم يَضْمَنْها، كما بعدَ الخُصُومةِ. فإن قِيلَ: فقد كان مَحْكُومًا بحُرِّيَّتِه، وهو جَنِينٌ (١٢). قُلْنا: إلَّا أنَّه لم يُمْكِنْ تَضْمِينُه حينئذٍ، لعَدَمِ قِيمَتِه والاطِّلاعِ عليه، فأوْجَبْنا ضَمانَه فى أوَّلِ حالٍ أمْكَنَ (١٣) تَضْمِينُه، وهو حالُ الوَضْعِ. المسألة الثانية، فى صِفَةِ الفِداء، وفيها ثلاث رِواياتٍ؛ إحْداهُنَّ، بقِيمَتِهم. وهو قولُ أكثرِ الفقهاءِ؛ لقولِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ أعْتَقَ شِقْصًا مِنْ عَبْدٍ، قُوِّمَ عَلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ" (١٤). ولأنَّ الحَيوانَ من المُتَقَوَّماتِ، لا مِنْ ذَوَاتِ (١٥) الأمْثالِ، فيَجبُ ضَمانُه بقِيمَتِه، كما لو أتْلَفَه. والثانية، يَضْمَنُهُم بمِثْلِهِم عَبيدًا، الذَّكَرُ بذَكَرٍ، والأُنْثَى بأُنْثَى؛ لما رَوَى سعيدُ بن المُسَيَّبِ، قال: أَبَقَتْ جارِيةٌ لرَجُلٍ من العَرَبِ، وانْتَمَتْ إلى بعضِ العَرَبِ، فتزَوَّجَها رَجُلٌ من بَنِى عُذْرَةَ، ثم إنَّ سَيِّدَها دَبَّ، فاسْتاقَها واسْتاقَ وَلَدَها، فاخْتَصَمُوا إلى عمرَ [بن الخَطَّابِ] (١٦)، رضى اللَّه عنه، فقَضَى للعُذْرِىِّ بفِدَاءِ وَلَدِه بِغُرَّةٍ غُرَّةٍ؛ مَكانَ كلِّ غُلَامٍ بغُلَامٍ (١٧)، ومَكانَ كلِّ جارِيةٍ بجارِيةٍ،


(١٠) سقطت الواو من: م.
(١١) سقط من: ب، م.
(١٢) فى ب، م: "حين".
(١٣) فى م: "يمكن".
(١٤) تقدم تخريجه فى: ٧/ ٣٦٢.
(١٥) فى أ: "ذوى".
(١٦) سقط من: م.
(١٧) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>