للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَجْعِيًّا، ولا شىءَ له. وعلى قولِ القاضى، إن قَبِلَتْ ذلك لَزِمَها الألفُ، وكان خُلْعًا، وإلَّا لم يقَعِ الطَّلاقُ. وهو قولُ أبى حنيفةَ، والشَّافعىِّ. وهو أيضًا ظاهرُ كَلامِ الخِرَقِىِّ؛ لأنَّه اسْتَعْمَلَ عَلَى بمعنى الشَّرْطِ فى مَواضِعَ من (٢٧) كتابه، منها قولُه: وإذا أنْكَحَها على أن لا يَتَزَوَّجَ عليها، فلها فِراقُه إن تَزَوَّجَ عليها. وذلك أَنَّ عَلَى تُسْتَعْملُ بمعنى الشَّرطِ؛ بدليلِ قولِ اللَّهِ تعالى فى قصَّةِ شُعَيبٍ: {قَالَ إِنِّى أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِى ثَمَانِيَ حِجَجٍ} (٢٨). وقال: {فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا} (٢٩). وقال موسى: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} (٣٠). ولو قال فى النِّكاحِ: زَوَّجْتُك ابْنتِى على صَداقِ كذا. صَحَّ، فإذا (٣١) أوْقعَه بعِوَضٍ. لم يَقَعْ بدونِه، وجرى مَجْرَى قوله: أنتِ طالقٌ إن أعْطَيْتِنِى ألفًا، أو ضَمِنْتِ لى ألفًا. ووَجْهُ الأوَّلِ، أَنَّه أوْقَعَ الطَّلاقَ غيرَ مُعَلَّقٍ بشَرْطٍ، وجعلَ عليها عِوَضًا لم تَبذُلْه، فوقَعَ رَجْعِيًّا من غيرِ عِوَضٍ، كما لو قال: أنتِ طالقٌ، وعليك ألفٌ. ولأنَّ عَلَى ليست للشَّرْطِ، ولا للمُعاوَضَةِ، ولذلك لا يَصِحُّ أن يقولَ: بِعْتُك ثَوْبِى عَلَى دينارٍ.

فصل: وإذا قال: أنتِ طالقٌ ثلاثًا بألفٍ. فقالتْ: قد (٣٢) قَبِلتُ واحدةً منها بألفٍ. وقَعَ الثَّلاثُ، واسْتحَقَّ الألفَ؛ لأنَّ إيقاعَ الطَّلاقِ إليه، وإنَّما علَّقَه بعِوَضٍ يَجْرِى مَجْرَى الشَّرْطِ مِن جهتِها، وقد وُجدَ الشَّرْطُ، فيقَعُ الطَّلاقُ. وإن قالتْ: قبِلْتُ بألْفَيْنِ. وقعَ، ولم يَلْزَمْها الألْفُ الزَّائدةُ (٣٣)؛ لأنَّ القَبولَ لما أوْجبَه دُونَ ما لم


(٢٧) فى الأصل: "فى".
(٢٨) سورة القصص ٢٦.
(٢٩) سورة الكهف ٩٤.
(٣٠) سورة الكهف ٦٦.
(٣١) فى أ، ب، م: "وإذا".
(٣٢) سقط من: ب، م.
(٣٣) فى أ، ب، م: "الزائد".

<<  <  ج: ص:  >  >>