للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حُصَينٍ، قال: فأمرَ بها النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَشُدَّتْ عليها ثيابُها. ولأنَّ ذلك أسْتَرُ لها.

فصل: والسُّنَّةُ أن يدُورَ الناسُ حولَ المرْجُومِ، فإن كان الزِّنَى ثبتَ ببَيِّنَةٍ، فالسُّنَّةُ (١٤) أن يَبْدَأَ الشهودُ بالرَّجْمِ، وإن كان ثبتَ بإقْرارٍ، بدأ به الإِمامُ أو الحاكِمُ، إن كان ثَبَتَ عندَه، ثم يَرْجُمُ النَّاسُ بعدَه. وروى سعيدٌ، بإسْنادهِ عن عليٍّ، رَضِىَ اللهُ عنه، أنَّه قال: الرَّجْمُ رِجْمانِ؛ فما كان منه بإقْرارٍ، فأوَّلُ مَن يَرْجُمُ الإِمامُ، ثم النَّاسُ، وما كانَ ببَيِّنَةٍ، فأوَّلُ من يَرْجُمُ البَيِّنَةُ، ثم النَّاسُ (١٥). ولأنَّ فِعْلَ ذلك أَبْعَدُ لهم من التُّهْمَةِ في الكذبِ عليه. فإنْ هَرَبَ منهم، وَكان الحدُّ ثَبَتَ ببَيِّنَةٍ، اتَّبَعُوه حتى يقتُلُوه، وإن كان ثَبَتَ بإقْرارٍ، تَركُوه؛ لمَا رُوِىَ أنَّ ماعِزَ بِنَ مالكٍ، لمَّا وَجَدَ مَسَّ الحجارةِ، خَرجَ يشْتَدُّ، فلَقِيَهُ عبدُ اللَّه بنُ أُنَيْسٍ، وقد عَجَزَ أصحابُه، فنَزعَ له بوَظِيفِ بَعيرٍ (١٦)، فرَماه به فقَتَلَه، ثم أتَى النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فذكَرَ ذلك له. فقال: "هلَّا تَرَكتُمُوه، يَتُوبُ فَيَتُوبَ اللهُ عَلَيْهِ". روَاه أبو داودَ (١٧). ولأنَّه يَحْتَمِلُ الرُّجوعَ، فيَسْقُطُ عنه الحَدُّ. فإنْ قتلَه قاتلٌ في هَرَبِه، فلا شىءَ عليه؛ لحديثِ ابنِ أُنَيْسٍ حينَ قتلَ ماعِزًا، ولأنَّه قد ثَبَتَ زِنَاهُ بإقْرارِه، فلا يزولُ ذلك باحْتمالِ الرُّجُوعِ، وإن لم يُقْتَلْ، وأُتِىَ به الإِمامُ، فكان مُقِيمًا


= كما أخرجه مسلم، في: باب من اعترف على نفسه بالزنى، من كتاب الحدود. صحيح مسلم ٣/ ١٣٢٤. والترمذي، في: باب تربص الرجم بالحبلى، من أبواب الحدود. عارضة الأحوذى ٦/ ٢١١، ٢١٢. والنسائي، في: باب الصلاة على المرجوم، من كتاب الجنائز. المجتبى ٤/ ٥١. والدارمى، في: باب الحامل إذا اعترفت بالزنى، من كتاب الحدود. سنن الدارمي ٢/ ١٨٠، ١٨١. والإِمام أحمد في: المسند ٤/ ٤٢٩، ٤٣٠، ٤٣٥، ٤٣٦، ٤٣٧، ٤٤٠.
(١٤) في م: "فالبينة" تحريف.
(١٥) وأخرجه البيهقي، في: باب من اعتبر حضور الإِمام. . ., من كتاب الحدود. السنن الكبرى ٨/ ٢٢٠. بمعناه. وعبد الرزاق، في: باب الرجم والإحصان، من كتاب الطلاق. المصنَّف ٧/ ٣٢٧. وابن أبي شيبة، في: باب في من يبدأ بالرجم، من كتاب الحدود. المصنَّف ١٠/ ٩٠، ٩١.
(١٦) وظيف البعير: ما فوق الرسغ من الساق.
(١٧) في: باب رجم ماعز بن مالك، من كتاب الحدود. سنن أبي داود ٢/ ٤٥٧.
كما أخرجه مسلم، في: باب من اعترف على نفسه بالزنى، من كتاب الحدود. صحيح مسلم ٣/ ١٣٢٠، ١٣٢١. والإِمام أحمد في: المسند ٥/ ٢١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>