للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَشْفَهُ أمْكَنُ وأَبْعَدُ من التَّشَبُّهِ بالنِّساءِ، مع ما فيه من اتِّبَاعِ أصْحابِ رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

٣٦٧ - مسألة؛ قال: (ويُدْخِلُهَا مَحْرَمُهَا، فَإنْ لَمْ يَكُنْ فَالنِّسَاءُ، فَإنْ لَمْ يَكُنْ فَالْمَشَايِخُ)

لا خِلَافَ بين أهْلِ العِلْمِ في أنَّ أوْلَى النَّاسِ بإِدْخالِ المَرْأَةِ قَبْرَها مَحْرَمُها، وهو مَن كان يَحِلُّ له النَّظَرُ إليها في حَياتِها، ولها السَّفَرُ معه، وقد رَوَى الخَلَّالُ، بإسْنَادِهِ عن عمرَ، رَضِىَ اللَّه عنه، أنَّه قامَ عند مِنْبَرِ رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- حين تُوُفِّيَتْ زينبُ بنتُ جَحْشٍ، فقال: ألَا (١) إنِّي أرْسَلْتُ إلى النِّسْوَةِ مَن يُدْخِلُها قَبْرَها؟ فأرْسَلْنَ: مَن كان يَحِلُّ له الدُّخُولُ عليها في حَيَاتِها. فرأيْتُ أنْ قد صَدَقْنَ (٢). ولما تُوُفِّيَتِ امْرَأةُ عمرَ، قال لِأهْلِهَا: أنْتُمْ أحَقُّ بها (٣). ولأنَّ مَحْرَمَها أوْلَى النَّاسِ بِوِلايَتِها في الحياةِ، فكذلك بعدَ المَوْتِ. وظَاهِرُ كلامِ أحمدَ أنَّ الأقَارِبَ يُقَدَّمُونَ على الزَّوْجِ. قال الخَلَّالُ: اسْتَقامَتِ الرِّوَايَةُ عن أبي عبدِ اللَّه، أنَّه إذا حَضَرَ الأوْلِياءُ والزَّوْجُ، فالأوْلِياءُ أحَبُّ إليه، فإنْ لم يكنِ الأوْلِياءُ فالزَّوْجُ أحَقُّ مِن الغَرِيبِ؛ لما ذَكَرْنَا من خَبَرِ عمرَ، ولأنَّ الزَّوْجَ قد زالَتْ زَوْجِيَّتُه بِمَوْتِها، والقَرابَةُ بَاقِيَةٌ. وقال القاضي: الزَّوْجُ أحَقُّ من الأوْلِياءِ؛ لأنَّ أبا بكرٍ أدْخَلَ امْرَأتَهُ قَبْرَها دون أقَارِبِها، ولأنَّه أحَقُّ بِغُسْلِهَا منهم، فكان أوْلَى بإدْخالِهَا قَبْرَها، كمَحَلِّ الوِفاقِ، وأيُّهما قُدِّمَ فالآخَرُ بعدَه. فإنْ لم يكنْ وَاحِدٌ منهما، فقد رُوِىَ عن أحمدَ أنَّه قال: أحَبُّ إلىَّ أن يُدْخِلَها النِّساءُ؛ لأنَّه مُبَاحٌ لَهُنَّ النَّظَرُ إليها، وهُنَّ أَحقُّ بِغُسْلِهَا.


(١) سقط من: الأصل.
(٢) أخرجه البيهقي، في: باب الميت يدخله قبره الرجال. . . إلخ، من كتاب الجنائز. السنن الكبرى ٤/ ٥٣. وابن أبي شيبة، في: باب في المرأة كم يدخلها قبرها ومن يليها، من كتاب الجنائز. المصنف ٣/ ٣٢٤.
(٣) تقدم تخريجه في صفحة ٤٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>