للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَن له عَقَارٌ يَسْتَغْنِى بأُجْرَتِه. وإن لم يُنْفِقْ عليها، وتَعَذَّرَ ذلك، جازَ الدَّفْعُ إليها، كما لو تَعَطَّلَتْ مَنْفَعَةُ العَقَارِ. وقد نَصَّ أحمدُ على هذا.

٤٣١ - مسألة؛ قال: (ولا يُعْطِي إلَّا الثَّمَانِيَةَ الأصْنَاف الَّتِي سَمَّى اللهُ تعَالَى)

يَعْنِي قَوْلَ اللهِ تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ} (١) وقد ذَكَرَهُم الْخِرَقِيُّ في مَوْضِعٍ آخَرَ، فَنُؤَخِّرُ شَرْحَهم إليه. وقد رَوَى زِيادُ بنُ الحارِثِ الصُّدَائِيُّ. قال: أتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فبَايَعْتُه. قال: فأتاهُ رَجُلٌ فقال: أعْطِنِي من الصَّدَقَةِ. فقال له رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إنَّ اللهَ لَمْ يَرْضَ بِحُكْمِ نَبِيٍّ ولا غَيْرِهِ فِي الصَّدَقَاتِ، حَتَّى حَكَمَ فيها هُوَ (٢)، فَجَزَّأَهَا ثَمَانِيَةَ أجْزَاءٍ، فَإنْ كُنْتَ مِنْ تِلْكَ الأجْزَاءِ أعْطَيْتُكَ حَقَّكَ". رَوَاهُ أبو دَاوُدُ (٣). وأحْكَامُهم كلُّهم (٤) بَاقِيَةٌ. وبهذا قال الحسنُ، والزُّهْرِيُّ، وأبو جعفرٍ محمدُ بنُ عليٍّ. وقال الشَّعْبِيُّ، ومَالِكٌ، والشَّافِعِيُّ، وأصْحابُ الرَّأْيِ: انْقَطَعَ سَهْمُ المُؤَلَّفَةِ بعدَ رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وقد أعَزَّ اللَّه تعالى الإسلامَ وأغْناهُ عن أن يُتَأَلَّفَ عليه رِجَالٌ، فلا يُعْطَى مُشْرِكٌ تَأَلُّفًا بحَالٍ. قالوا: وقد رُوِيَ هذا عن عمرَ، رضِيَ اللَّه عنه. ولَنا، كتابُ اللهِ وسُنَّةُ رَسُولِه؛ فإنَّ اللَّه تعالى سَمَّى المُؤَلَّفَةَ في الأصْنافِ الذين سَمَّى الصَّدَقَة لهم، والنَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "إنَّ اللهَ تَعَالَى حَكَمَ فِيها، فجَزَّأَهَا ثَمَانِيَةَ أجْزَاءٍ". وكان يُعْطِي المُؤَلَّفَة قُلوبُهم (٥) كَثِيرًا، في أخْبَارٍ مَشْهُورَةٍ، ولم يَزَلْ كذلك حتى ماتَ، ولا يجوزُ تَرْكُ


(١) سورة التوبة ٦٠.
(٢) من: الأصل، وسنن أبى داود.
(٣) في: باب من يعطى من الصدقة وحدّ الغنى، من كتاب الزكاة. سنن أبي داود ١/ ٣٧٨، ٣٧٩.
(٤) في م: "كلها".
(٥) سقط من: أ، ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>