للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: ولو قَطَعَ كِتَابِىٌّ يَدَ مسلمٍ، فبَرَأ واقْتَصَّ (٣٩)، ثم انْتَقَضَ جُرْحُ المُسْلِمِ فمات، فلوَلِيِّه قَتْلُ الكِتَابِىِّ، والعَفْوُ إلى أرْشِ الجُرْحِ، وفى قَدْرِه وَجْهان؛ أحدُهما، نِصْفُ الدِّيَةِ؛ لأنَّه قد اسْتَوْفَى بَدَلَ يَدِه بالقِصاصِ، وبَدَلُها نِصْفُ دِيَتِهِ، فبَقِىَ له نِصْفُها، كما لو كان القاطِعُ مُسْلِمًا. والثانى، له ثلاثةُ أرْباعِها؛ لأنَّ يَدَ اليَهُودِىِّ تَعْدِلُ نِصْفَ دِيَتِه، وذلك رُبْعُ دِيَةِ المسلمِ، فقد اسْتَوْفَى رُبْعَ دِيَتِه، وبَقِىَ له ثلاثةُ أرْباعِها. وإن كان قَطَعَ يَدَىِ المسلمِ، فاقْتَصَّ منه، ثم مات المسلمُ، فعَفَا وَلِيُّه إلى مالٍ، انْبَنَى على الوَجْهَيْنِ؛ إن قُلْنا: تُعْتَبَرُ قِيمةُ اليَهُودِىِّ. فله ههُنا نِصْفُ الدِّيَةِ، وإن قُلْنا: الاعتبارُ بقِيمَةِ يَدِ المسلمِ. فلا شىءَ له ههُنا؛ لأنَّه قد اسْتَوْفَى بَدَلَ يَدَيْه، وهما جَمِيعُ دِيَتِهِ. ولو كان القَطْعُ في يَدَيْه ورِجْلَيْه، فعَفَا إلى الدِّيَةِ، لم يكُنْ له شيءٌ، وجهًا واحدًا؛ لأنَّ دِيَةَ ذلك دِيَةُ مسلمٍ. ولو كان الجانِى امرأةً على رجلٍ، فالحُكْمُ على ما ذكَرْنا سَواءً؛ لأنَّ دِيَتَها نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ.

فصل: إذا قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ من الكُوعِ، ثم قَطَعَها آخَرُ من المَرْفِقِ، فمات بسِرَايَتِهما، فلوَلِيِّه قَتْلُ القاطِعَيْنِ، وليس له أن يَقْطَعَ طَرَفَيْهِما، في أحدِ الوَجْهَيْنِ، وفى الآخَرِ، له قَطْعُ يَدِ القاطعِ من الكُوعِ. فإن قَطَعَها، ثم عَفَا عنه، فله نِصْفُ الدِّيَةِ، وأمَّا الآخَرُ، فإن كانتْ يَدُه مَقْطوعةً من الكُوعِ، فقَطَعَها من المَرْفِقِ، ثم عَفَا، فله دِيَةٌ، [إلَّا قَدْرَ] (٤٠) الحكومةِ في الذِّرَاعِ. ولو كانت يَدُ القاطعِ من المَرْفِقِ صَحِيحةً، لم يَجُزْ قَطْعُها، رِوَايةً واحدةً؛ لأنَّه يأخُذُ صَحِيحةً بمَقْطُوعةٍ. وإن قَطَعَ أيْدِيَهما، وهما صَحِيحَتانِ، أو قَطَعَ رَجُلانِ يَدَيْهِ، فقَطَعَ يَدَيْهِما، ثم سَرَتِ الجِنايةُ، فمات من قَطْعِهِما، فليس لوَلِيِّه العفوُ على الدِّيَةِ؛ لأنَّه قد اسْتَوْفَى ما قِيمَتُه دِيَةٌ. وإن اختار قَتْلَهُما، فله ذلك.


(٣٩) في ب، م: "أو اقتص".
(٤٠) في م: "الأقدار" خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>