للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشْتَرِي أنَّه مَعِيبٌ، وأرادَ رَدَّه، كان له أنْ يَحْلِفَ أنَّه باعَه بَرِيئًا من العَيْبِ. ولا يَنْبَغِي أن يَحْلِفَ المُدَّعِي إلَّا بَعْدَ الاسْتِثْباتِ، وغَلَبَةِ ظَنٍّ يُقارِبُ اليقينَ، ويَنْبَغِي للحاكمِ أن يقولَ لهم: اتقُوا اللهَ، واسْتَثْبِتُوا. ويَعِظَهم، ويُحَذِّرَهم، ويَقْرأَ عليهم: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} (١٥). وَيُعَرِّفَهُم ما فِي اليمينِ الكاذبةِ، وظُلمِ البَرِيء، وقَتْلِ النَّفْس بغيرِ الحقِّ، ويُعَرِّفَهم أنَّ عَذابَ الدُّنيا أَهْونُ مِن عَذابِ الآخرَةِ. وهذا كلُّه مذهبُ الشافِعيّ.

فصل: ويُستَحَبُّ أن يَستَظْهِرَ في ألفاظِ اليَمين في القَسَامَةِ تَأْكِيدًا، فيقولَ: واللهِ الذي لا إلهَ إلَّا هو عالمِ خَائِنَةِ الأعْينِ وما تُخْفِي الصُّدُور. فإن اقتصَرَ على لفظةِ: واللهِ. كَفَى، أو يقُولَ: واللهِ، أو باللهِ، أو تاللهِ. بالجرِّ كما تقْتَضِيه العربيَّةُ. فإنْ قالَه مَضْمومًا، أو منصوبًا، فقد لَحَنَ. قال القاضي: ويُجْزِئُه تَعمَّدَه أو لم يَتَعَمَّدْهُ؛ لأنَّه لَحْنٌ لا يُحِيلُ الْمعْنَى. وهو قولُ الشافِعيّ. وما زادَ على هذا تأكِيدٌ، ويقولُ: لقد قَتَلَ فلان بنُ فلانٍ الفُلانيّ - ويُشِيرُ إليه - فلانًا ابْنِي، أو أخِي، مُنْفَرِدًا بِقَتْلِه، ما شرَكَه غيرُه. وإن كانا اثْنَيْن قال: مُنْفَرِدَيْن بقَتْلِه (١٦)، ما شرَكَهُما غيرُهما. ثم يقولُ: عَمْدًا أو خطأً، وبأيِّ اسمٍ من أسماءِ اللهِ أو صِفَةٍ من صِفَاتِ ذاتِه، حَلَفَ، أجْزأَ، إذا كانَ إطلاقُه يَنْصرِفُ إلى اللهِ تعالى. ويقولُ المُدَّعَى عليه في اليَمِين: واللهِ ما قَتْلتُه، ولا شارَكتُ في قَتلِه، ولا أحْدَثْتُ شيئًا ماتَ منه، ولا كان سَببًا في مَوْتِه، ولا مُعِينًا على مَوْتِه.

١٥٢٩ - مسألة؛ قال: (وَمَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُحَرَّمَةً، أو شَارَكَ فيها، أو ضَرَبَ بَطْنَ امْرأَةٍ، فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا، وكَانَ الفِعْلُ خطَأً، فَعَلى الْفَاعِلِ (١) عِتْقُ رَقبَةٍ مُؤْمِنَةٍ، فإنْ لَمْ يَجِدْ، فَصِيَامُ شَهْرَينِ مُتَتَابِعَيْنِ، تَوْبَةً مِنَ اللهِ. وعَنْ أبِى عَبْدِ اللهِ، رَحِمَهُ


(١٥) سورة آل عمران ٧٧.
(١٦) سقط من: ب، م.
(١) في ب، م: "القاتل".

<<  <  ج: ص:  >  >>