للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمَعْناها على ما ذَكَرْناهُ، [فإنَّها دَلَّتْ عَلَى أنَّه مُخَيَّرٌ فى كُلِّ فقيرٍ بينَ أَنْ يُطْعِمَه أو يَكْسُوَه، وهذا يَقْتَضِى ما ذَكَرْناه] (١٠)، ويصيرُ كما يَتَخَيَّرُ (١١) فى الصَّيْدِ الْحَرَمِىِّ بينَ أَنْ يَفْدِيَه بالنَّظِيرِ، أو يُقَوِّمَ النَّظِيرَ بدَراهِمَ، فيَشْتَرِىَ بها (١٢) طعامًا يَتَصَدَّقُ به، أو يصومَ عن كُلِّ مُدٍّ يومًا، فلو صامَ عن بعضِ الأمْدادِ، وأطْعَمَ بعضًا، [جاز، كذا] (١٣) ههُنا. وكذلك الدِّيَةُ، لمَّا كان مُخَيَّرًا بينَ إخْراجِ ألف دينارٍ، أو اثْنَىْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، لو أعْطَى البعضَ ذهبًا، والبَعْضَ دراهمَ، جازَ. وفارقَ ما إذا أعْتَقَ نصفَ عَبْدٍ، وأَطْعَمَ خمسةً أو كَسَاهم؛ [لأنَّ تنْصِيفَ العِتْقِ] (١٤) يُخِلُّ بالآخَرِ، لما سَنَذْكُرُه بعدَ هذا.

فصل: وإِنْ أَطْعَمَ المسكينَ بعضَ الطَّعامِ، وكَساهُ بعضَ الكِسْوَةِ، لم يُجْزِئْه؛ لأنَّه ما أطْعَمَه الطَّعامَ الواجِبَ له، ولا كَساهُ الكِسْوَةَ الواجِبَةَ، فصارَ كمَنْ لم يُطْعِمْه شيئًا ولم يكْسُه. وإِنْ أطْعَمَ بعضَ المساكِينِ بُرًّا، وبعضَهم تَمْرًا، أو مِنْ جِنْسٍ آخرَ، أجْزَأَ. وقال الشافِعِىُّ: لا يُجْزِئُه. ولَنا، قَوْلُه تعالى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ}. وقَدْ أطْعَمَهم مِنْ جِنْسِ ما يَجِبُ عليه، ولأنَّه لو كَسَا بعضَ المساكِينِ قُطْنًا، وبَعْضَهم كَتَّانًا، جازَ، مع اخْتلافِ النَّوْعِ، كذلك الإِطْعامُ.

١٨٢٤ - مسألة؛ قال: (وَلَوْ (١) أعْتَقَ نِصْفَىْ عَبْدَيْنِ، أَوْ نِصْفَىْ أَمَتَيْنِ، أو نِصْفَ (٢) عَبْدٍ وأَمَةٍ، أَجْزَأَ عَنْهُ)

قال الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ: هذا قولُ أكْثَرِهم. يعنى أَكْثَرَ الفُقهاءِ. وقال أبو بكرٍ ابنُ جَعْفَرٍ: لا يُجْزِئُ؛ لأنَّ المَقْصُودَ من العِتْقِ تَكْمِيلُ الأَحْكامِ، ولا يحْصُلُ من إعْتاقِ نِصْفَيْن. واخْتَلَفَ أصْحابُ الشافِعِىِّ على ثلاثَةِ أوْجُهٍ؛ فمنهم من قال [كقَولِ الْخِرَقِىِّ، ومنهم من قالَ كقَوْلِ أبى بَكْرٍ، ومنهم مَن قال] (٣): إِنْ كانَ نِصْفُ الرَّقِيقِ حُرًّا،


(١٠) سقط من: الأصل، ب. نقل نظر.
(١١) فى م: "يخير".
(١٢) فى ب: "به".
(١٣) فى م: "أجزأ كذلك".
(١٤) سقط من: الأصل.
(١) فى م: "وإن".
(٢) فى م: "نصفى".
(٣) سقط من: ب. نقل نظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>