للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعضُ أصْحابِنا: يتعلَّقُ به التَّحْريمُ أيضًا، فيَحْرُم على اللَّائِطِ أُمُّ الغُلامِ وابْنتُه، وعلى الغُلامِ أُمُّ اللَّائطِ وابْنَتُه. قال: ونَصَّ عليه أحمدُ. وهو قولُ الأوْزَاعىِّ؛ لأنَّه وَطْءٌ فى الفَرْجِ، فنَشَرَ الحُرْمةَ، كوَطْءِ المرأةِ، ولأنَّها بِنْتُ مَن وَطِئَه وأمُّه، فحَرُمتا عليه، كما لو كانت الْمَوْطُوءةُ أُنْثَى. وقال أبو الخَطَّابِ: يكونُ ذلك كالمُباشَرَةِ دُونَ الفَرْجِ، يكونُ فيه رِوَايتان. والصحيحُ أن هذا لا يَنْشُرُ الحُرْمةَ، فإنَّ هؤلاء غيرُ مَنْصُوصٍ عليهِنَّ فى التَّحْريمِ، فيَدْخُلْنَ فى عُمُومِ قولِه تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} (١٩). ولأنَّهنَّ غيرُ مَنْصوصٍ عليهِنَّ، ولا فى معنى المَنْصُوصِ عليه، فوَجَبَ أن لا يَثْبُتَ حُكْمُ التَّحْريمِ فيهِنَّ، فإنَّ المْنصوصَ عليهنَّ فى هذا حَلائِلُ الأبْناءِ، ومَنْ نَكَحَهُنَّ الآباءُ وأمهاتُ النساءِ وبناتُهُنَّ، وليس هؤلاءِ منهنَّ، ولا فى مَعْناهنَّ؛ لأنَّ الوَطْءَ فى المرأةِ (٢٠) يكونُ سَبَبًا للبَعْضِيَّةِ (٢١)، ويُوجِبُ المَهْرَ، ويَلْحَقُ به النَّسَبُ، وتَصِيرُ به المرأةُ فِرَاشًا، ويُثْبِتُ أحكامًا لا يثبِتُها اللّوَاطُ، فلا يجوزُ إلْحاقُه بهنَّ؛ لعَدَمِ العِلَّةِ، وانْقطاعِ الشَّبَهِ، ولذلك لو أَرْضَعَ الرجلُ طِفْلًا، لم يَثْبُتْ به حكمُ التَّحْريمِ، فههُنا أوْلَى. وإن قُدِّرَ بينهما شَبَهٌ من وَجْهٍ ضَعِيفٍ، فلا يجوزُ تخْصِيصُ عُمومِ الكتابِ به، واطِّرَاحُ النَّصِّ بمِثْلِه.

فصل: ويَحْرُمُ على الرَّجُلِ نِكاحُ بِنْتِه من الزِّنَى، وأُخْتِه، وبِنْتِ ابْنِه، وبنتِ بِنْتِه، وبنتِ أخِيه، وأُخْتِه من الزِّنَى. وهو قولُ عامَّةِ الفُقَهاءِ. وقال مالكٌ، والشافعىُّ فى المشهور من مَذْهَبِه: يجوزُ ذلك كلُّه؛ لأنَّها أجْنَبِيَّةٌ منه ولا تَنْتسِبُ (٢٢) إليه شَرْعًا، ولا يَجْرِى التَّوَارُثُ بينهما، ولا تَعْتِقُ عليه إذا مَلَكَها، ولا تَلْزَمُه نَفَقَتُها، فلم تَحْرُمْ عليه، كسائرِ الأجانبِ. ولَنا، قولُ اللَّه تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ} (٢٣). وهذه


(١٩) سورة النساء ٢٤.
(٢٠) فى الأصل: "امرأة".
(٢١) فى أ، ب، م: "للبضعية".
(٢٢) فى ب، م: "تنسب".
(٢٣) سورة النساء ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>