للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: إذا ادَّعَى رجلٌ على رجلٍ أنَّه سَرقَ نِصابًا مِن حِرْزِه، وأقامَ بذلك شاهدًا، وحلَف معه، أو شهِدَ له بذلك رجلٌ وامرأتان، وجبَ له المالُ (١٨) المشهودُ به إن كان باقيًا، أو قِيمتُه إن كان تالفًا، ولا يَجِبُ القَطْعُ؛ لأنَّ هذه حُجَّةٌ فى المالِ دونَ القَطْعِ. وإن ادَّعَى على رجلٍ أنَّه قتلَ وَليَّه عَمْدًا، فأقامَ شاهدًا وامرأتيْنِ، أو حلَفَ مع شاهِدِه، لم يثْبُتْ قِصاصٌ ولا دِيَةٌ. والفرقُ بين المسألَتيْنِ أنَّ السَّرِقةَ تُوجِبُ القَطْعَ والغُرْمَ معًا، فإذا لم يثْبُتْ أحدُهما ثبتَ الآخَرُ، والقتلُ العَمْدُ مُوجَبُه القِصاصُ عَينًا، فى إحدَى الرِّوايتيْنِ، والدِّيةُ بدلٌ عنه، ولا يَجبُ البَدَلُ ما لم يُوجَدْ مُوجَبُ (١٩) المُبْدَلِ. وفى الرِّوايةِ الأُخْرَى، الواجبُ أحدُهما لا بعَيْنِه، فلا يجوزُ أن يتعَيَّنَ أحدُهما إلَّا بالاخْتيارِ، أو التَّعَذُّرِ (٢٠)، ولم يُوجَدْ واحدٌ منهما. وقال ابنُ أبى موسى: لا يجبُ المالُ فى السَّرِقةِ أيضًا إلَّا بشاهِدَيْنِ؛ لأنَّها شهادةٌ [على فعلٍ يُوجِبُ] (٢١) الحَدَّ والمالَ، فإذا بطَلَتْ فى أَحَدِهما (٢٢) بطَلَتْ فى الآخَرِ (٢٣). والأوَّلُ أوْلَى؛ لما ذكَرْناه. وإن ادَّعى رجلٌ على رجلٍ أنَّه ضربَ أخاه بسَهْمٍ عَمْدًا فقتلَه، ونفَذَ إلى أخيه الآخَرِ فقتلَه خطأً، وأقام بذلك شاهدا وامرأتيْنِ، أو شاهدًا وحلَفَ معه، ثَبَتَ قَتْلُ الثانى؛ لأنَّه خطأٌ مُوجَبُه المالُ، ولم يَثْبُتْ قَتْلُ الأوَّلِ؛ لأنَّه عَمْدٌ موجَبُه القِصاصُ، فهما كالجنايتَيْنِ المُفْترِقَتَينِ. وعلى قولِ أبى بكرٍ، لا يَثْبُتُ شىءٌ منهما؛ لأنَّ الجِنايةَ عندَه لا تَثْبُتُ إلّا بشاهديْنِ، سَواءٌ كان مُوجَبُها المالَ أو غيرَه. ولو ادَّعَى رجلٌ على آخَرَ أنَّه سرَقَ منه وغَصَبَه مالًا، فحلَفَ بالطَّلاقِ والعَتاقِ ما سرَقَ منه ولا غَصَبَه، فأقامَ المُدَّعِى شاهِدًا وامرأتيْنِ شَهِدا بالسَّرقةِ والغَصْبِ، أو أقامَ شاهدًا وحلَفَ معه، اسْتَحَقَّ المسروقَ والمغصوبَ؛ لأنَّه أتَى بَبيِّنَةٍ يثْبُتُ ذلك بمثْلِها، ولم (٢٤) يثبُتْ طلاقٌ ولا عَتاقٌ (٢٥)؛ لأنَّ هذه


(١٨) سقط عن: الأصل.
(١٩) سقط من: ب، م.
(٢٠) فى الأصل: "والتعذر".
(٢١) فى الأصل: "توجب".
(٢٢) فى ب، م: "إحداهما".
(٢٣) فى ب، م: "الأخرى".
(٢٤) فى الأصل: "ولا".
(٢٥) فى الأصل: "عتق".

<<  <  ج: ص:  >  >>