للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعودُ رَقِيقًا؛ لأنَّ العَقْدَ يبْطُلُ بمَوْتِها، فلم يَبْقَ حُكْمُه فيه. وقد ذَكَرْنا فى هذا خِلافًا فيما تَقَدَّمَ. وإِنْ أعْتَقَ السَّيِّدُ أُمَّ الولدِ، أو المُدَبَّرَةَ، لم (٧) يَعْتِقْ ولدُها، لأنّها عَتَقَتْ بغيرِ السَّبَبَ (٨) الذى تَبِعَها فيه، ويَبْقَى عِتْقُه مَوْقُوفًا على مَوْتِ سَيِّدِه. كذلك إِنْ أعْتَقَ ولدَهما، لم يَعْتِقَا بعِتْقِه. وإِنْ أعْتَقَ المُكاتَبةَ، فقد قال أحمدُ، وسُفْيانُ، وإسحاقُ: المُكاتَبةُ إذا أدَّتْ أو اعْتِقَتْ، عَتَقَ ولدُها، وأُمُّ الولدِ والمُدَبَّرَةُ إذا أُعْتِقَتْ، لم يَعْتِقْ ولدُها حتَّى يَمُوتَ السَّيِّدُ. فظاهِرُ هذا أَنَّ ولدَ المُكاتبَةِ يتْبَعُها فى العِتْقِ بإعْتاقِ سَيِّدِها؛ لأَنَّه فى حُكْمِ مالِها، يَسْتَحِقُّ كَسْبَه، فيَتْبَعُها إذا أَعْتَقَها كمالِها، ولأنَّ إعْتاقَها يَمْنَعُ أداءَها بسبَبٍ من السَّيِّدِ، فأشْبَهَ ما لو أَبْرَأَها مِن مالِ الكتابَةِ.

فصل: فأمَّا ولدُ أُمِّ الوَلدِ قبلَ اسْتِيلادِها، وولدُ المُدَبَّرةِ قبلَ تَدْبيرِها، والمُكاتبَةِ قبلَ كتابَتِها، فلا يَتْبَعُها، لوُجودِه قبلَ انْعِقادِ السَّبَبَ فيها، وزَوالِ حُكْمِ التَّبَعَيَّةِ عنه قبلَ تَحقُّقِ السَّبَبَ فى أُمِّه، ولهذا لا يَتْبَعُها فى العِتْقِ المُنْجَزِ، ففى السَّبَبَ أَوْلَى. وذكرَ أبو الخَطَّابِ فى وَلَدِ المُدَبَّرَةِ قبلَ التَّدْبِيرِ رِوايَتَيْن، فيُخَرَّجُ ههُنا مثلُه، وهو بَعِيدٌ؛ لأنَّ الولدَ المُنْفصِلَ لا يَتْبَعُها فى عِتْيقٍ، ولا بَيْعٍ، ولا هِبَةٍ، ولا رَهْنٍ، ولا شىءٍ من الأَحْكامِ، سِوَى الإِسلامِ، بشَرْطِ كَوْنِه صغيرًا، فكيف يَتْبَعُ فى التَّدْبِيرِ! ولأنَّه لا نَصَّ فيه، ولا قِياسَ يَقْتَضِيه، فيَبْقَى بحالِه.

٢٠١٧ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا أَسْلَمَتْ أَمُّ وَلَدِ النَّصْرَانِىِّ، مُنِعِ مِنْ وَطْئِهَا، والتَّلَذُّذِ بِهَا، وأُجْبِرَ عَلَى نَفَقَتِها. فإذَا أسْلَمَ، حَلَّتْ لَهُ، وإِنْ مَاتْ قَبْلَ ذَلِكَ، عَتَقَتْ)

وجملةُ ذلك أَنَّ الكافِرَ يَصِحُّ منه الاستيلادُ لأَمَتِه، كما يَصِحُّ منه عِتْقُها. وإذا اسْتَوْلَدَ الذِّمِّىُّ أمتَهَ، ثمَّ أسْلَمَتْ، لم تَعْتِقْ فى الحالِ. وبهذا قال الشافِعِىُّ وقال مالِكٌ: تَعْتِقُ، إذْ لا سَبِيلَ إلى بَيْعِها، ولا إلى إقْرارِ مِلْكِه عليها؛ لما فيه من إثْباتِ مِلْكِ كافِرٍ على مُسْلِمَةٍ، فلم يَجُزْ، كالأَمَةِ القِنِّ. وعن أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، روايَةٌ أُخْرَى، أنَّها تُسْتَسْعَى، فإنْ أدَّتْ، عَتَقَتْ. وهو قولُ أبى حنيفةَ؛ لأنَّ فيه جَمْعًا بينَ الحَقَّينِ، حَقِّها فى أَنْ لا يَبْقَى مِلْكُ الكافِرِ عليها، وحقِّه فى حُصولِ عِوَضِ مِلْكِه، فأشْبَهَ بَيْعَها إذا لم تكُنْ أُمَّ ولدٍ. ولَنا، أَنَّه إسلامٌ طَرَأَ على مِلْكٍ، فلم يُوجِبْ عِتْقًا، ولا سِعايَةً، كالعبدِ القِنِّ. وما ذَكَرُوه مُجَرَّدُ


(٧) فى أ، ب: "لا".
(٨) فى الأصل: "النسب".

<<  <  ج: ص:  >  >>