للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يَسْأَلَه عن حُكْمِهِ. ورَوَى الأوْزَاعىُّ عن سَابِق البَرْبَرِىِّ (٥)، عنْ كتَابِ الحسنِ، أنَّ الطَّالِبَ يَنْزِلُ فَيُصَلِّى بالأرضِ. فقالَ الأوْزَاعِىُّ: وجَدْنَا الأمْرَ على غير ذلك، قال شُرَحْبِيلُ ابنُ حَسنَةَ: لا تُصَلُّوا الصُّبْحَ إلَّا على ظَهْرٍ. فنزلَ الأشْتَرُ (٦)، فَصَلَّى عَلَى الأَرْضِ، [فَمَرَّ بهِ شُرَحْبِيلٌ] (٧)، فقال؛ مُخَالِفٌ، خَالَفَ اللَّه بِهِ. قال: فَخَرَجَ الأشْتَرُ في الفِتْنَةِ. وكان الأوْزاعِىُّ يَأْخُذُ بِهذا في طَلَبِ العَدُوِّ؛ لأنَّها (٨) إحْدَى حَالَتَى الحَرْبِ، أشْبَهَ حَالَةَ الهربِ. والآيَةُ لا دَلَالَةَ فيها على مَحَلِّ النِّزَاعِ لأنَّ مَدْلُولَها إباحةُ القَصْرِ. وقد أُبيحَ القَصْرُ حالةَ الأمْنِ بغيرِ خِلَاف، وهو أيْضًا غيرُ مَحَلِّ النِّزَاعِ، ثم وإنْ دَلَّتْ على مَحَلِّ النِّزَاعِ، فقد أُبِيحَتْ صلاةُ الخوفِ مِنْ غَيرِ خَوْفِ فِتْنَةِ الكُفَّارِ، لِلْخَوْفِ مِنْ سَبُعٍ أَوْ سَيْلٍ أَوْ حَرِيقٍ، لِوُجُودِ مَعْنَى المنْطُوقِ فيها، وهذا في مَعْنَاه، لأنَّ فَوَاتَ الكُفَّارِ ضَرَرٌ عَظيمٌ، فأُبِيحَتْ صلاةُ الخَوْفِ عند فَوْتِهِ، كالحالةِ الأُخْرَى.

١٣٣ - مسألة؛ قال: (ولَهُ أَنْ يَتَطَوَّعَ في السَّفَرِ عَلَى الرَّاحِلَةِ، عَلَى مَا وَصَفْنَا مِنْ صَلَاةِ الخوْفِ)

لا نَعْلَمُ خلَافًا بين أهل العِلْمِ في إباحةِ التَّطَوُّعِ على الرَّاحِلَةِ في السَّفَرِ الطَّوِيلِ. قال التِّرْمِذِىُّ (١): هذا عند عامَّةِ أهلِ العِلْمِ. وقال ابْنُ عبدِ البرِّ: أجْمَعُوا على أنَّه جَائِزٌ لِكُلِّ مَنْ سَافَرَ سَفَرًا يَقْصُرُ فيه الصلاةَ أنْ يَتَطَوَّعَ على دَابَّتِهِ حيْثُمَا توَجَّهَتْ، يُومِئ بالرُّكُوعِ والسُّجُودِ، يَجْعَلُ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنَ الرُّكُوعِ. وأمَّا السَّفَرُ القَصِيرُ وهو ما لا يُبَاحُ فيهِ القَصْرُ، فإنَّهُ تُبَاحُ فيهِ الصلاة على


(٥) في م: "البريدى" تحريف. وهو أبو سعيد سابق بن عبد اللَّه البربرى، قال السمعانى: من أهل حرَّان، سكن الرقة، يروى عن مكحول وعمرو بن أبي عمرو، روى عنه الأوزاعي وأهل الجزيرة. الأنساب ٢/ ١٢٣.
(٦) الأشتر لقبه، واسمه مالك بن الحارث النخعى، كان من الأبطال الكبار، سيد قومه وخطيبهم وفارسهم، بعثه علىّ على مصر، فمات في الطريق، سنة ثمان وثلاثين. العبر ١/ ٤٥.
(٧) سقط من: الأصل.
(٨) في م: "ولأنها".
(١) في: باب ما جاء في الصلاة على الدابة حيثما توجهت به، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى ٢/ ١٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>