للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّه هَلَكَ بجَذْبَتِه، وإن هَلَكَ بسُقُوطِ الثالثِ عليه، فقد هَلَكَ بجَذْبةِ الأوَّلِ وجَذْبةِ نَفْسِه للثالثِ، فسَقَطَ فعلُ نَفْسِه، كالمُصْطَدِمَيْنِ، وتَجِبُ دِيَته بكَمالِها على الأوَّلِ. ذكَرَه القاضي. والوجهُ الثاني، يَجِبُ على الأوَّلِ نِصْفُ دِيَتِهِ، ويُهْدَرُ نِصْفُها في مُقابلةِ فِعْلِ نَفْسِه. وهذا مذهبُ الشافعىِّ. ويتخَرّجُ وَجْهٌ ثالثٌ، وهو وُجُوبُ نِصْفِ دِيَتِه على عاقِلَتِه لوَرَثَتِه، كما قُلْنا فيما إذا رَمَى ثلاثةٌ بالمَنْجَنِيقِ، فقَتَلَ الحَجَرُ أحَدَهم. وأمَّا الأوَّلُ إذا مات بوُقُوعِهِما عليه، ففيه الأوْجُهُ الثلاثةُ؛ لأنَّه مات من جَذْبَتِه وجَذْبةِ الثاني للثالثِ، فتَجِبُ دِيَتُه كلُّها على عاقلةِ الثاني، ويُلْغَى (١٠) فِعْلُ نَفْسِه، على الوَجْهِ الأوَّلِ. وعلى الثاني، يُهْدَرُ نِصْفُ دِيَتِه المُقابلُ لفِعْلِ نَفْسِه، ويَجِبُ نِصْفُها على الثاني، وعلى الثالثِ، يَجِبُ نِصْفُها على عاقِلَتِه لوَرَثَتِه. وإن جَذَبَ الثالثُ رابعًا، فمات جميعُهم بوُقوعِ بعضِهم على بعضٍ، فلا شىءَ على الرَّابعِ؛ لأنَّه لم يَفْعَلْ شيئًا في نفسِه ولا غيرِه، وفى دِيَتِه وَجْهان؛ أحدهما، أنَّها على عاقلةِ الثالثِ المُباشِرِ لجَذْبِه. والثانى، على عاقلةِ الأوَّلِ والثانِى والثالثِ؛ لأنَّه مات من جَذْبِ الثلاثةِ، فكانت دِيَتُه على عَواقِلِهم. وأمَّا الأوَّلُ فقد مات بجَذْبَتِه وجَذْبةِ الثاني وجذبةِ الثالثِ، ففيه ثلاثةُ أوْجُهٍ؛ أحدها، أنَّه يُلْغَى فِعْلُ نَفْسِه، وتَجِبُ دِيَتُه على عاقلةِ الثاني والثالثِ نِصْفَيْنِ. الثاني، يَجِبُ (١١) على عاقِلَتِهما ثُلُثاها، ويَسْقُطُ ما قابَلَ فِعْلِ نَفْسِه، الثالث، يجبُ ثُلثُها على عاقِلَتِه لوَرَثَتِه. وأمَّا الجاذِبُ الثاني، فقد مات بالأفْعالِ الثلاثةِ، وفيه هذه الأَوْجُهُ المَذْكُورةُ في الأوَّلِ سواءً. وأمَّا الثالثُ، ففيه مثلُ هذه الأوْجُهِ الثَّلاثةِ، ووَجْهانِ آخَرَانِ؛ أحدهما، أنَّ دِيَتَه بكَمالِها على الثاني؛ لأنَّه المُباشِرُ لجَذْبِه، فسَقَطَ فِعْلُ غيرِه بفِعْلِه. والثانى، أنَّ على عاقِلَتِه نِصْفَها، ويَسْقُطُ النِّصْفُ الثاني في مُقَابلَةِ فِعْلِه في نَفْسِه.

فصل: وإن وقَعَ بعضُهم على بعضٍ، فماتُوا، نَظَرْتَ؛ فإن كان مَوْتُهُم بغيرِ وُقوعِ بعضِهم على بعضٍ، مثل أن يكونَ البئرُ عَمِيقًا يموتُ الواقعُ فيه بنَفْسِ الوُقوعِ، أو كان فيه


(١٠) في الأصل: "ويلغو". ويأتى مرة أخرى على ما في: ب، م.
(١١) في ب زيادة: "ديتها".

<<  <  ج: ص:  >  >>