أو حَدِيثُه خيرٌ مِن قَدِيمِه، كالحِنْطَةِ ونحوِها، فيُقْرِضُه خَوْفًا أنْ يُسَوِّسَ، أو تَنْقُصَ قِيمَتُه، وأشباهُ هذا، فيَجُوزُ القَرْضُ؛ لأنَّه مِمَّا لليَتِيمِ فيه حَظٌّ فجازَ، كالتِّجارَةِ به. وإنْ لم يَكُنْ فيه حَظٌّ، وإنَّما قَصَدَ إرْفاقَ المُقْتَرِضِ، وقضاءَ حاجَتِه، فهذا غيرُ جائِزٍ؛ لأنَّه تَبَرُّعٌ بمالِ اليَتِيمِ، فلم يَجُزْ كهِبَتِه. وإنْ أرادَ الوَلِيُّ السَّفَرَ، لم يَكُنْ له المُسافَرَةُ بمالِه، وقَرْضُه لثِقَةٍ أمِينٍ أوْلَى مِن إيداعِه؛ لأنَّ الوَدِيعَةَ لا تُضْمَنُ إذا تَلِفَتْ، فإنْ لم يَجِدْ مَن يَسْتَقْرِضُه على هذه الصِّفَةِ، فله إيداعُه؛ لأنَّه مَوْضِعُ حاجَةٍ. ولو أوْدَعَه مع إمكانِ قَرْضِه، جازَ، ولا ضمانَ عليه، فإنَّه رُبَّما رَأى الإِيداعَ أحَظَّ له مِنَ القَرْضِ، فلا يكونُ مُفَرِّطًا. وكُلُّ مَوْضِعٍ قُلْنا: له قَرْضُه. فلا يجوزُ إلَّا لمَلِىءٍ أمِينٍ، ليَأْمَنَ جُحُودَه، وتَعَذُّرَ الإِيفاءِ، ويَنْبَغِى أنْ يَأْخُذَ رَهْنًا إنْ أمْكَنَه، وإنْ تَعَذَّرَ عليه أخْذُ الرَّهْنِ، جازَ تَرْكُه، فى ظاهِرِ كلامِ أحمدَ؛ لأنَّ الظّاهِرَ مِمَّن يَسْتَقْرِضُه مِن أجلِ حَظِّ اليَتِيمِ، أنَّه لا يَبْذُلُ رَهْنًا، فاشْتِراطُ الرَّهْنِ يُفَوِّتُ هذا الحَظَّ. وقال أبو الخَطَّابِ: يُقْرِضُه إذا أخَذَ بالقَرْضِ (٢٥) رَهْنًا. فظاهِرُ هذا أنَّه لا يُقْرِضُه إلَّا برَهْنٍ؛ لأنَّ فيه احْتِياطًا للمالِ، وحِفْظًا له عن الجَحْدِ، والمَطْلِ. وإنْ أمْكَنَه أخْذُ الرَّهْنِ، فالأوْلَى له أخْذُه، احْتِياطًا على المالِ، وحِفْظًا له، فإنْ تَرَكَه احْتَمَلَ أنْ يَضْمَنَ إنْ ضاعَ المالُ؛ لتَفْرِيطِه، واحْتَمَلَ أنْ لا يَضْمَنَ؛ لأنَّ الظّاهِرَ سَلامَتُه. وهذا ظاهِرُ كلامِ أحمدَ؛ لكَوْنِه لم يَذْكُرِ الرَّهْنَ.
فصل: قال أبو بكرٍ: وهل يجوزُ للوَصِيِّ أنْ يَسْتَنِيبَ فيما يَتَوَلَّى مِثْلَه بنَفْسِه؟ على روايَتَيْنِ؛ لأنَّه مُتَصَرِّفٌ بالإذْنِ فى مالِ غيرِه، فأشْبَهَ الوَكِيلَ: وقال القاضى: يجُوزُ ذلك للوَصِيِّ، وفى الوَكِيلِ روايتانِ. وفَرَّقَ بينَهما بأنَّ الوَكِيلَ يُمْكِنُه الاسْتِئْذَانُ، والوَصِيُّ بخِلافِه.