للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل: ولا يُكْرَه للوَلِىِّ الرُّجُوعُ عن الإِجابةِ، إذا رأى المصلحةَ لها فى ذلك؛ لأنَّ الحَقَّ لها، وهو نائِبٌ عنها فى النَّظَرِ لها، فلم (٢١) يُكْرَهْ له الرُّجوعُ الذى رَأَى المصلحةَ فيه، كما لو ساوَمَ فى بَيْعِ دارِها، ثم تَبَيَّنَ له المصلحةُ فى تَرْكِها. ولا يُكْرَه لها أيضًا الرجوعُ إذا كَرِهَتِ الخاطِبَ؛ لأنَّه عَقْدُ عُمْرٍ (٢٢) يَدُومُ الضَّرَرُ فيه، فكان لها الاحْتِياطُ لِنَفْسِها، والنَّظَرُ فى حَظِّها. وإن رَجَعَا عن ذلك لغيرِ غَرَضٍ (٢٣)، كُرِهَ؛ لما فيه من إخْلافِ الوَعْدِ، والرُّجُوعِ عن القَوْلِ، ولم يُحَرَّمْ؛ لأنَّ الحقَّ بعدُ لم يَلْزَمْهُما (٢٤)، كمَن [ساوَم بسِلْعَتِه] (٢٥)، ثم بَدَا له أن لا يَبِيعَها.

فصل: فإن كان الخاطبُ الأوَّلُ ذِمِّيًّا، لم تُحَرَّمِ الخِطْبةُ على خِطْبَتِه. نَصَّ عليه أحمدُ، فقال: لا يَخْطُبُ على خِطْبةِ أخِيه، ولا يُساوِمُ على سَوْمِ أخيه، إنَّما هو للمُسْلِمينَ، ولو خَطَبَ على خِطْبةِ يَهُودِىٍّ أو نَصْرانىٍّ، أو اسْتامَ على سَوْمِهِم، لم يَكُنْ داخلًا فى ذلك؛ لأنَّهم ليسوا بإخْوَةٍ للمُسْلِمينَ. وقال ابنُ عبدِ البَرِّ: لا يجوزُ أيضًا؛ لأنَّ هذا خَرَجَ مَخْرَجَ الغالِبِ، لا لِتَخْصِيصِ المُسْلِمِ به. ولَنا، أَنَّ لَفْظَ النَّهْىِ خاصٌّ فى المسلمينَ، وإلْحاقُ غيرِه به إنَّما يَصِحُّ إذا كان مِثْلَه، وليس الذِّمِّىُّ كالمُسْلمِ، ولا حُرْمَتُه كحُرْمَتِه، ولذلك لم تَجِبْ إجابَتُهم فى دَعْوةِ الوَلِيمةِ ونحوِها. وقولُه: خرَجَ مَخْرَجَ الغالِبِ. قُلْنا: متى كان فى المَخْصُوصِ بالذِّكْرِ مَعْنًى يصْلُحُ (٢٦) أن يُعْتَبرَ فى الحُكْمِ، لم يَجُزْ حَذْفُه ولا تَعْدِيةُ الحُكْمِ بدُونِه، [والأُخُوَّةُ الإِسْلامِيَّةُ لها] (٢٧) تَأْثِيرٌ فى وُجُوبِ


(٢١) فى م: "فلا".
(٢٢) فى م: "عمرى".
(٢٣) فى أ، ب: "عذر".
(٢٤) فى الأصل، ب: "يلزمها".
(٢٥) فى م: "سام سلعة".
(٢٦) فى م: "يصح".
(٢٧) فى م: "وللأخوة الإسلامية".

<<  <  ج: ص:  >  >>